قراءة أدبية مختصرة من كتاب المسرح السعودي المعاصر موضوعاته و اتجاهاته




قراءة أدبية مختصرة من كتاب المسرح السعودي المعاصر موضوعاته و اتجاهاته: دراسة فنية للدكتورة سيدة المسرح السعودي لطيفة البقمي: البناء الدرامي للمسرحية
المسرحية :  فن أدبي يصور أحداثاً حقيقية ومتخيلة ، يؤديها الممثلون بالحوار والحركة 
             المسرحية هي الأداة أو الوسيلة التي يضمنها المؤلف مجموعة أفكاره ونظرياته ، سواء السياسية منها أو الاجتماعية .إنها الوعاء الذي يتضمن الأماني ،والأحلام ،والرغبات التي يحلم المؤلف بتجسيدها ، وهي حجر الزاوية في إقامة العرض المرئي ، ورؤية مكتوبة لأحداث وقعت ،أو تقع ويقدمها المؤلف في تسلسل منطقي ، فيخصص الفصل الأول لطرح  الموضوع وعرضه ، ثم يوالي نسج  الأحداث مطورا هذا الموضوع في الفصل الثاني ، وبعضا من الفصل الثالث ، حتى يصل إلى ذروة التعقيد ، ثم يبدأ في الحل ،الذي يكون نتيجة طبيعية لتسلسل الأحداث ،أو قد يأتي غير متوقع للمشاهدين ، فيزيد من إثارتهم ومتعتهم. و لكل مسرحية عناصر بناء أساسية. تتلخص فيما يلي:
              
             أولاً الفكرة:  
             وكل عمل مسرحي يقوم على فكرة أو (ثيمة) ،وهي الفكرة الرئيسية التي تتغلغل في هيكل العمل الفني كالدم ، والثيمة الدرامية : هي المفهوم المجرد الذي يحاول المؤلف تجسيده –خلال تمثله-في شخصيات لها أقوال وأحداث  .
           وتهدف الفكرة الرئيسية في المسرحية إلى :
           الترفيه والإمتاع : ويتمثل في إضفاء الترفيه على مجموع المشاهدين ،وتسليتهم . 
           التثقيف الأخلاقي :ويقصد به مخاطبة العقل مع القدرة على إعطاء التثقيف المغلف بالتسلية ؛ حتى يتعاطف الجمهور مع الموضوع .
           التحول في السلوك والمواقف .
ثانياً الحدث: 
 هو أية واقعة تحدثها الشخصيات في حيزي الزمان والمكان ، وتسهم في تشكيل الحركة الدرامية ، والفعل المسرحي . ويظهر من رأى (بافيز) السابق أن الحدث واحد تقريبا في كافة معالجات مسرحية دون جوان لمولير Molier (1622-1673) أي أن الحدث هو العنصر المهم أو كل متغير يحدث في شبكة عوامل الفعل.  أما الحبكة فهي خصوصية التعبير عن الفعل الدرامي في كل معالجة من معالجات الموضوع الواحد مثل دون جوان لموليير . 
           1- حدث صاعد، وهو " الجزء من البناء الدرامي الذي يبدأ بعد التقديمة ، ويحركه العامل المثير إلى أعلى ، كي يصدمه بقوى التصارع " 
           2- حدث هابط ، وهو " الحدث الدرامي الذي يلي ذروة التأزم ، ويعتبر من ناحية التقسيم النقدي الكلاسي نصف المسرحية تقريبا " 
           ثالثاً الشخصية المسرحية:
           1- تصوير  أبعاد الشخصية الثلاثة ( الجسماني ،الاجتماعي ،النفسي )  : 
           أولا- الكيان الفسيولوجي (العضوي ): إن كيان الإنسان المادي يلون بلا شك نظرته للحياة ،وهو يؤثر فيه إلى مالا نهاية ، ويساعد الناس على جعلهم إما متسامحين أو ساخطين ...وهو يؤثر على  تطوره الذهني ، ويصلح أساسا لمركبات النقص ،والاستعلاء فيه،لذا هو أوضح الأجهزة الرئيسية التي يتكون منها الإنسان عموما .
           ثانيا- الكيان السوسيولوجي (الاجتماعي ):  كيان الإنسان الاجتماعي هو بعده الثاني الذي يؤثر فيه من عدة جوانب من حيث النشأة ،والطبقة ،والدين ،والجنس ،والتربية والتعليم ،والعمل ،والمحيط الاجتماعي حوله.
          ثالثا- الكيان السيكولوجي (النفسي ) : كيان الإنسان النفسي هو بعده الثالث، وهو الذي يتمم كيانه الجسماني ،والاجتماعي ويشكلهما ، وهي مجموعة البواعث والمحركات التي تؤثر في الشخصية ،وتحركها وهو مجموعة من العوامل كالمزاج ،والطبع ،والميول ،والعقد النفسية ،والقدرات ،والتفكير .
           2- التركيز على الشخصية المحورية- البطل الأول- في المسرحية ، فبدون الشخصية المحورية لا يمكن أن تكون مسرحية .
           3- تنوع الشخصيات وتباينها ، " هذا والشخصيات ليسوا أناسا حقيقيين ؛ لأن الأدب ليس بدلا أو عوضا من الحياة ، والأديب والفنان لا يحاول أن يصور الشخصيات كما هي في الواقع ، ولكنه يعطينا فكرته عن أناس معينين من جهة خاصة بهم ...ولعل عظمة شكسبير لم تأت إلا من خلقه لمئات الشخصيات المتباينة سنا ،وجنسا ،وطبعا ،وذكاء ،وحرفة " 
           4-  نمو الشخصيات وتطورها لما لها من دور كبير في نمو الصراع وتطوره ، الصراع يقوى ويزداد بازدياد النمو وتقدمه كما أن فقدان التطور والنمو في الشخصيات  دليل على فقدان الصراع ، وفقدان الصراع دليل على أن الشخصية لم تنسق تنسيقا حسنا ولا بد من الإشارة إلى أن نمو الشخصية المحورية أقل بكثير من نمو الشخصيات الأخرى ؛ لأنها تدفع باقي الشخصيات للتطور والنمو . - مناسبة الشخصيات لفكرة المسرحية .
           6- لا بد أن يكون الحوار شيئا طبيعيا وفطريا في الشخصية  .
           7- توفر وحدة الأضداد بين الشخصيات ، لما لها من دور كبير بدفع الشخصيات بالصراع إلى  نهايته . 
           - الشخصية المحورية : وهي الشخصية الرئيسة في المسرحية ، التي تتمتع بحضور كثيف على خشبة المسرح ، غير أن ذلك لا يعني التقليل من الشخصيات الثانوية التي تمثل نماذج إنسانية متميزة . والشخصية المحورية هي الإنسان الذي يخلق الصراع ، ويجعل المسرحية تتحرك إلى الإمام (، وهي التي تضع عقدة الرواية وتخلقها , وليس العكس (والشخصية المحورية يجب بالضرورة أن تكون شخصية عدائية لا تعرف المساومة أو أنصاف الحلول 
           2- الشخصية النسائية : وهي شخصية المرأة في المسرحية وما تتصف به من سمات .
           3- الشخصية الجاسوسية : وهي الشخصية التي تقوم بدور تجسسي  في المسرحية .
           4- الشخصية البلهاء : هي الشخصيات الثانوية ذات السمات النمطية المسطحة والنوعية الثابتة ، ويمكن أن نطلق عليها (الدُّمى) وهي لا تقوم في المسرحية إلا بدور عابر أو بخدمة عرضية . 
           5- الشخصية الغائبة : وهي الشخصية التي يرد ذكرها في المسرحية دون أن تقوم بالفعل .
           رابعاً الصراع: 
           هو مناضلة بين قوتين ، ينمو بمقتضى تصادمهما الحدث الدرامي . وهو يعني تعارض الرغبات ، وتصادم بين الشخصيات والقوى وأحد عناصر الحبكة الدرامية  . 
           دوره في تنامي الأحداث :
           الصراع هو العمود الفقري للبناء الدرامي ، فبدونه لا قيمة للحدث أو لا وجود له كما يعد الصراع الدرامي من عوامل تماسك البنيان المسرحي ،وتحريك الأحداث ، وإثارة تشويق المتفرج ؛"لذا يرى الناقد الفرنسي "فرديناند برونتيير" إن الصراع هو لب الدراما وجوهرها ، والقانون العام للمسرح يتحدد بفعل الإرادة الواعية بذاتها ، بل وتتمايز الأنواع الدرامية عن بعضها حسب طبيعة العوائق التي تتعرض هذه الإرادة " 
            وينشأ الصراع من الهجوم المضاد،وبداية الصراع هي بداية الحبكة ونهايته نهايتها ، فلا حبكة بدون صراع . وبتطور الصراع تظهر قمة الأزمة المسرحية وهو ما يعرف بالحبكة .
           صراع ساكن (راكد بطئ الحركة والتأثير) Static conflict : تظهر الشخصية فيه راكدة لا تبدي أي فعل أو  رد فعل ، وينعكس ذلك على سير الحدث ، وعلى المسرحية ذاتها إذ تصبح بطيئة فاترة.
           2- صراع متوثب (يحدث بلا تدرج) Jumping conflict : فهناك طفرات سريعة ، وتحولات مفاجئة في سلوك الشخصية تدفعها إلى اتخاذ القرار،أو ارتكاب فعل ، فعل أجبرت عليه ،أو فعلته دون وعي ، إن ذلك يحدث ارتباكا لدى المشاهد ؛ لأنه لم يعش التغيير الذي أصاب هذه الشخصية ، ولم يطلعه المؤلف على كيفية إتمام هذا التحول.
           3- صراع صاعد (مؤثر ومتدرج  وقوي ومستمر ) Rising conflict  : هذا النوع من الصراع لا يوجد إلا مع وجود الهجوم والهجوم المضاد ، وكلما اشتد الصراع وانتقل من مرحلة إلى أخرى ، فإنه يسهم في كشف مشاعر الشخصية ، ويوضح المسببات ،والدوافع التي جعلت هذه الشخصية تتصرف مثل هذا التصرف ،ويصل بصراع الشخصيات إلى ذروة الأزمة ،ويدفعها إلى اتخاذ قرارها المصيري.
           4- صراع مرهص (يشعرنا بوشك نشوبه) Overshadowing conflict  : وهو صراع يتعمد المؤلف الكشف عنه بطريق غير مباشر لخلق نوع من التوتر والترقب المقصود لدى المشاهد حتى لا يتسرب الملل إليه ، فكل ما تفعله الشخصية ،إنما هو وسيلة الكاتب للكشف عن هذه الشخصية وتوضيحها .
           5- صراع ظاهري ( خارجي ) ، وصراع ( داخلي ) " فالصراع الخارجي كمحاربة القدر أو المصير أو الوسط الاجتماعي أو الطبيعي أو ضد الآخرين ، والصراع الداخلي صراع مع الذات أو النفس " 
           خامساً الحبكة : 
           "هي تنظيمات الكاتب المسرحي للأحداث ،وهو مصطلح يستخدم للتطور التتابعي للقصة " وهي الهيكل القصصي للأحداث المسرحية ، أي تسلسل وترتيب وتتابع للحوادث وانتقائها.والأحداث عادة ما تكون لها بداية ووسط ونهاية ، هذه الأحداث تنفجر وتنطلق من أي حدث أو مؤثر ، وتؤدي إلى نتيجة في القصة ،ويكون ذلك مترتبا على الصراع الوجداني بين الشخصيات، أو بتأثير الأحداث الخارجية على إدارة الشخصيات . وقد قال عنها أرسطو : " إنها روح ونواة التراجيديا "            ويعرفها إبراهيم حمادة قائلا : " إنها العنصر الأساسي في الأجزاء الدرامية ، وهي التنظيم العام للمسرحية ، ككائن متوحد .إنها عملية هندسة ،وبناء الأجزاء المسرحية ، وربطها ببعضها ،بهدف الوصول إلى تحقيق تأثيرات فنية ،وانفعالية معينة " 
           ويعرفها بسلفيد الابن: "إنها القصة التي نظمها الكاتب ،وجسدها وفق أغراضه ،وأهدافه اللاشعورية كي تعكس وجهة نظره "  
           ووفق هذا الرأي ، فإن أي عدد من الكتاب ، إذا تناول موضوعا واحدا بعينه ،فإن النتيجة لتناول كل منهم ستأتي مختلفة تماما ؛ وذلك لاختلاف الأهداف ووجهات النظر. 
إن الحبكة في المسرح تعني تجسيد القصة بواسطة ممثلين وممثلات على خشبة المسرح ،وفي أقل فترة زمنية ممكنة ، لذا فمن الضروري أن ينتقي المؤلف ويختار أفضل ما في القصة ، ويحوله إلى مشاهد محسوسة ومرئية
           1- العرض التمهيدي أو الشرح : أي مقدمة المسرحية أو جزؤها الأول ، حيث يقدم فيه المؤلف نبذة مجملة عن الموضوع الذي يتناوله ، وما قد حدث في الماضي .ويعرف المشاهدين على الشخصيات ، ويوضح ما يربط بينهم من علاقات متشابكة ، ويحدد للمشاهد لماذا اختار هذه الشخصيات بالذات ويعرض ويحدد مشكلاتهم ، و البيئة المكانية التي ستجري فيها الأحداث،واللحظة الزمانية التي تقع خلالها الأفعال . ويتم العرض بعدة وسائل منها : إدارة الحوار بين الشخصيات المساعدة يطرح من خلاله المؤلف بعض سمات الشخصيات وخصائص الأبطال ، وينقل للمشاهد بعض المعلومات  الهامة عنهم  . و يكتفي المؤلف أحيانا بمنولوج تمهيدي تتلخص فيه الأحداث ، ويقدم من خلاله الشخصيات وكل ما يريد ، وقد يستخدم المكالمات التليفونية ، وما يدور فيها من ردود على لسان شخص ما ، الأمر الذي  يساعد على إعطاء المعلومات المراد توصيلها للمشاهدين .
إن هذا العرض يحدد النغمة المسرحية للعرض ، وأسلوبها كما يوضح للمشاهدين ما إذا كانت المسرحية جادة أو هزلية ، تعالج موضوعا من موضوعات الحياة اليومية أو موضوعا خياليا ، كما تجعلنا نتعرف على الشخصيات .
           2- نقطة الانطلاق :  هي اللحظة التي تفجر فيها القوة المحركة الحدث كي ينطلق ، ويتصاعد نحو التأزم . 
           3- التطوير والتعقيد : إن السير من بداية الحبكة إلى نهايتها يحتاج دائما إلى أحداث تتقلب بين صعود وهبوط ، ولا يتم ذلك إلا بتلاقي قوي الصراع ، فيتولد التعقيد ، وتتأزم الأمور ، ويرى أرسطو أن التطوير "هو كل ما يمتد من بداية الحدث وحتى نقطة التحول " . ويعرفه إبراهيم حمادة بأنه :" تطور غير متوقع نتيجة حدوث طارئ أو عامل جديد، لذا يصدم البطل، أو أحداثة ،بشيء معارض يتطلب الإزاحة ، ومن ثم يتولد الاصطراع " .  
           فالمؤلف يحرص على وضع مزيد من العقبات أمام البطل كي يحول بينه وبين الوصول إلى هدفه ، هذه العقبات هي وسيلته لتطوير الحدث والإسراع به نحو الذروة ،إذ أن الشخصية تتحرك بين نجاح وفشل في تحقيق الانجازات ، فما أن ينجز البطل شيئا ويحقق هدفا ، حتى يضع المؤلف أمامه تحديا جديدا يسعى البطل إلى قهره ؛ لينتقل الحدث خطوة نحو الوصول إلى الانجاز التام  . 
           4-الأزمة : وهي لحظة التوتر التي تبلغها القوى المتعارضة الخالقة للصراع الدرامي ، وتؤدَى إلى ترقب في تحول الحدث . 
           "وهي المرحلة التي تلي التعقيد أو التطوير، وتسبق التحول ، إذ تتعدد الأزمات فتبدأ الأزمة الأولى نتيجة لتطور الحدث ، الأمر الذي يترتب عليه ظهور أفعال أخرى تؤثر على الشخصيات .وهكذا تتوالى الأزمات في صورة أسباب ومسببات لبعضها بعضا . فهي مرحلة في العمل الفني تتضارب فيها العوامل المتعارضة أشد ما يكون التضارب ، وتزداد حدة الصراع ،الأمر الذي يجعل النتيجة الحتمية لتداخل الصراع وتطويره ، والمقابلة بين النقيضين ،والوصول إلى نقطة يتعذر معها طرح مزيد من الصراع ، بل وتظهر بوادر رجاحة إحدى الكفتين ، الأمر الذي يستدعي اتخاذ القرار أو الحكم ، ووضع الحل الحاسم لهذه الأزمة ، لذا يمكن أن نسميها أيضا بلحظة الاختيار الحاسمة  "
           الذروة : وهي النقطة الحاسمة في الصراع الدرامي ، حيث يتطور الفعل تدريجيا ، ويزداد قوة وتأثيرا كلما اقتربنا من هذه الذروة ليصل إلى قمة التوتر والانفعال . عند هذه النقطة يصبح الصراع ممكن الحل ،ومن ثم تقترب نهاية المسرحية . 
           وقد تحتوي المسرحية على ذروة تأزميه أساسية ، إلى جانب عدة ذروات ثانوية .
           6-التعرف : أي الإدراك والتمييز ، أو الاكتشاف والاستكشاف .أي ينكشف المستور ويتغير حال البطل من الجهل بما كان خافيا إلى العلم به 
           والتعرف موضوعة الأشخاص ، إذ إن الأحداث المسرحية تجري في خطها المرسوم دون أن يعرف بطلها أو أبطالها حقيقة الأمر ، وعندما تحين لحظة التعرف ، يتحول وضع البطل إما إلى السعادة وإما إلى الشقاء ، وهنا يتعاطف المشاهد مع البطل ، وتظهر عاطفتا الشفقة والخوف فالتعرف أو الاكتشاف له بدايته ووسطه ونهايته المستقلة ، وله تطوره، وذروته ،وحله الخاص ، وله عدة طرق . 
           7- الانقلاب والتحول :  عرفه أرسطو قائلا :"الانقلاب هو تحول الفعل إلى ضدَه ، على أن يخضع هذا التحول لمنطق الضرورة أو الحتمية " 
           ويعرفه إبراهيم حمادة :" أنه التغير العكسي المفاجئ الذي يطرأ على حظ البطل ، فيقوده إما إلى السقوط كما يحدث في المسرحية المأساوية ، أو إلى النجاح كما يمكن أن يحدث في المسرحية الملهوية " أي الحركة العكسية من النقيض إلى النقيض وفق قانون الضرورة أو الاحتمال ، أي التغيير المفاجئ الذي يطرأ على حال البطل فيحوله من حال السعادة إلى حال الشقاء ، أي انقلاب الفعل إلى ضده .
           ويلاحظ أن الانقلاب دائما ما يكون مسبوقا بالتعرف والاستكشاف ، وهو أحد الحيل المسرحية التي يلجأ إليها المؤلف كي يطور شخصياته ، ويحفظ للنص حركته ، ويربط بين عناصره المختلفة بل والأكثر تضادا، فالتحول هو التغير الكلي في مجرى الأحداث ، وانقلاب الفعل إلى نقيضه دون أن يكون ذلك  متوقعا  . 
           8-الحل : هو نهاية هبوط الفعل بعد وصوله إلى ذروة التأزم ، وهو محصلة الأحداث المسرحية المتوترة  أو انحلال العقدة ، وهو نقطة في المسرحية تنحل فيها كل التشابكات والتعقيدات ،أي ينتهي الفعل والموضوع . عندما تصل الأمور والأحداث عند نقطة اتخاذ القرار، فإن الخط الدرامي سيأخذ في التحول نحو اتجاه آخر ، غالبا ما يكون في صف البطل الخير أو ضده .
           إذ يمكن القول بأن الحل هو النقطة التي تنحل عندها العقدة الرئيسية ، ويكون الحل دائما ثمرة لما زرعه البطل خيرا كان أو شرا ، فالحل يعيد التوازن للمواقف ويريح المشاهد . 
           ويلاحظ أن هناك مسرحيات تنتهي بلا حل ، بل تطرح أسئلة .
سادساً الحوار :  " هو الكلمات المتحدث بها بواسطة الشخصيات في المسرحية لإيصال (نقل) أفكارهم ومشاعرهم " ، والحوار وسيلة من وسائل الكاتب المسرحي لبناء الحبكة وعرض أفكاره .لذا يجب أن يكون الحوار صادرا عن الشخصية ومعبرا عنها تعبيرا طبيعيا لا افتعال فيه ، وإن حلاوة الكلام وطلاوته لا تساويان إرسال حوارك رشيقا أنيقا فياضا بالحركة دون أن يضيع ذلك على شخصياتك المسرحية نماء ذواتها وتطورها" اهتم J. l. Styan بالحوار الواقعي الذي يكشف عن تفاصيل الشخصيات ، عن أنفسهم ، وبيئتهم ، وعاداتهم في التفكير " 
           للحوار عدة وظائف أهمها : 
           يساعد الكاتب في التعبير عن الخبرة الحياتية لشخصياته .
           يطور الكاتب من خلاله حبكته المسرحية .
           يسهم في تطوير الحدث . 
           وسيلة الكاتب للكشف عما يدور في أعماق شخصياته من أفكار وأحاسيس.
           يسهم في تجسيد وعي الشخصية بمواقفها ويبرز مقاصدها .
           يعطي لأفعال الشخصيات وتصرفاتهم المعنى الدرامي المناسب .
           يمكن أن تحمل الكلمات والمفردات تحت ضغط الأحاسيس والمشاعر معاني إضافية ، فتتحول المعاني إلى إشارات وإيماءات معبرة 
           أنواع الحوار المسرحي:
           1- الحوار المُتَسارع (عجيل) : " يشير إلى الحوار الفَكِه الذي يدور بين شخصيتين أو أكثر ، في إيقاع سريع كأنه خبطات سيوف متبارزة ، ويدل على حضور بديهة ، وتتسم به عادة الملهاة الراقية "  
            و "يستخدم عادة في الملهاة والمهزلة حيث تظهر براعة الكاتب في تصوير شخصياته والفكاهة والدفء المنبعثان منها ، ومن ثم كانت كتابة هذين اللونين من الألوان المسرحية أشد صعوبة من كتابة المسرحية الجدية ، ولما كانت الفكاهة الناشئة عن الحوار في الملهاة تكمن في كثير من الأحيان في حذق الجمل ،والعبارات اللوذعية التي يصاغ بها الكلام" وقد يستخدم في بعض المسرحيات الجادة " نوع من الحوارات الفكهة والذي يقصد به غالبا إراحة أعصاب الجمهور ،والتفريج عنهم في مواقف التوتر المتزايد في المسرحية " 
       2- الحوار التوضيحي :  يطلق عليه العرض أو مقدمة المسرحية (الاستهلال) " وهو يقوم بنقل المعلومات التي يحتاج إليها الجمهور ؛ لكي يفهم الفعل –أي الموضوع الذي يمثل أمامهم – والعرض يهتم بكل ما يحدث قبل أن تبدأ المسرحية ، ويروي كل ما سوف يكون له صلة بما يحدث للشخصيات في الفعل التالي ... على أن العرض يجري خلال المسرحية كلها كاشفا لنا عما قد يحدث للشخصيات وهي بعيدة عن خشبة المسرح ، وشارحا لنا الفعل –أو الأمور التي حدثت- بين كل فصل وفصل  " " كان الحوار التوضيحي في الماضي يقدم إلى الجمهور عن طريق الحديث الجانبي ..،أو خطابات تقرأ أمام الجمهور ، ولكن في المسرح الحديث يجب أن يتم الحوار التوضيحي بطريقة غير مباشرة من خلال الفعل والحوار ، والشخصيات ذاتها ، والتفسيرات والشروح يجب أن تقدم في أثناء تقدم التمثيلية " 
         3- الحوار المتداخل : " يظهر حيث يجعل المؤلف في اللحظة الزمانية الواحدة مستويين من المحاورة يتداخلان ويتشابكان كالأصداء ، مع الحرص على أن يكمل الحديث بعضه بعضا ، مع مراعاة ما يتضمنه الحديث من تضارب أو تعارض ، أو صلة بالمستقبل ، أو مفارقة ، وهذا التداخل لون من الفن قد يصل بما عرف في الأدب العبثي ، لكنه يكشف عن قلق الشخصية ، وتراسل مشاعرها مع غيرها ، وإن عاق تسلسل الحوار " 
           4- الحوار من طرف واحد : وهو الحوار الداخلي (المنولوج ) وهو حوار مع الذات يكشف عن الصراع الداخلي ،ويشير إلى انقسام النفس على ذاتها . وصياغته تحتاج إلى حاسة لغوية مرهفة ودقيقة ،ومن الحوار المتداخل أيضا (النجوى) أو حديث النفس الذي يعبر عن القلق والحيرة وعدم القدرة على الحسم . فالشخصية في المناجاة تتحدث إلى آخر متخيل  تكشف عن مشاعرها الباطنية وتستعين بالتفكير بالصوت المسموع.   
             - الحوار الجيد :  هو الحوار الذي يحمل المعاني الكثيرة في الكلمات القليلة ، و يسهم في تطور الشخصية وأن يكون ملائما لها ، "وأن يكون بعيدا عن الغموض ، وألا يكون حافلا بالاستطراد والتطويل بعيدا عن التكلف.
             6- الحوار الفكري : يهتم بعرض الأفكار و نقدها و مناقشتها. 


كاتبة المقال: فاطمة عوض الشريف

و المنشور في صحيفة ألق الأدبية عدد 137904

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

(12) مجالا لخطة 2024

قانون كونفوشيوس – قانون الغربنة في التدريب

كساء التوبة الضافي ... تأملات

مزاج البسطاء

تقنية السكينة السريعة للبروفيسور عبدالله العبدالقادر (Quick Coherence Technique )

قراءة فنية لجدارية كيث هارينغ