وقفة مع المسرح المدرسي في مدارس تعليم الطائف









       تدرك المدرسة التربوية  الحديثة مسؤوليتها فى تربية الطالبات وتنشئتهن تنشئة جيدة وفعالة بشتى الأنشطة و الوسائل،  والتي منها المسرح المدرسي التعليمي لما يتمتع به من قدرات بالغة التأثير متمثلة فى الصورة المتحركة والكلمة المسموعة فى إطار تعبيرى يحوّل الموضوعات الدراسية الصامتة أو القضايا الاجتماعية الملحة أو المفاهيم المجردة إلى مادة حية ممسرحة  تسترعى انتباه الطالبات ،و كما يمتلك القدرة أيضا على الربط بين الواقع  و التحصيل العلمي الذي يمدهن بمعلومات تاريخية واجتماعية بروابط جديدة ظاهرة للعيون حاضرة للعقول  من خلال  اللعب التمثيلى. إضافة إلى قدرته القوية التي تسهم في تشيكل ملامح الطالبات المستقبلية .

       كما أن المسرح المدرسى التعليمي  يحقق  جوانب المتعة الحسية والفكرية مع اختلاف درجاته ، و يساعد على  تحقيق التكيف المدرسى وتعديل سلوك الطالبات بما يبعثه فى أنفسهن  من إحساس بالمتعة والنشاط وروح المرح التي تزيد الدافعية الذاتية نحو الاندماج فى عالم المدرسة . بل و أكثر من ذلك فإنه يزيل بعض المعوقات النفسية أو الاجتماعية الخاصة ببعض الطالبات ، ويهذب سلوكهن  ويفجر الطاقات الزائدة فى سلوكهن الذى قد يتصف بشئ من العنف أو العدوانية ويمتصها أيضاً أو قد يساهم بدوره فى تنمية قدراتهن التخيلية وازدياد قدراتهن على الإدراك والملاحظة.

        من هنا كان ظهور المسرح التعليمي المدرسي في مدارس البنات عام ١٤٣٢هـ بقيادتي وإشرافي، علما بأن البنين سبقوا البنات في المسرح بسنوات عديدة...

       من المناطق التعليمية التي اعتنت بالمسرح إدارة النشاط في تعليم تبوك...لكن لم تحضى منطقة تعليمية في التأسيس والرعاية والتميز للبرنامج إلا إدارة نشاط الطالبات بالطائف...فكان البرنامج تخطيطه وتننقيذه وتقييمه على مدار ثلاث سنوات بإشراف مباشركاتبة المدونة آنذاك رئيسة النشاط الثقافي فاطمة الشريف وبمشاركات مجتمعية ناجحة على الصعيد الفردي والمؤسسي، وفرق عمل نشيطة من مشرفات الأنشطة ومجموعة مرشحة من مدارس المرحلة الإبتدائية بقيادة عامة من مديرة نشاط الطالبات نورة المعطاني...

        ظهر المسرح نظرا لتحفظات الوزارة ممثلة في إدارة نشاط الطالبات في فن المسرح بمسمى برنامج "المنبر الحواري التعليمي". استقى المنبر الحواري التعليمي بإدارة التربية و التعليم بمحافظة الطائف فكرته  باعتباره نوعاً من أنواع مسرح الطفل . 

         فأعادنا صياغته و هذّبنا فكره  بما يناسب سياسات و قناعات المجال الثقافي و الاجتماعي  لنشاط الطالبات  ليكن لون من ألوان النشاط تؤديه الطالبات  فى مدارسهن تحت إشراف مشرفة برنامج  داخل الفصل أو خارجه فى صالة المسرح المدرسى وعلى خشبته .. أو فى حديقة المدرسة أو ساحتها  خلال حصتي النشاط  لدور هام  فى تعلم خبرة جديدة أو مفهوم غامض .. ويهدف لتنمية قدرات الطالبات ومواهبهن الأدبية و الفنية، وتوجيهن وجهة اجتماعية صحيحة وسوية تسعى لتعزيز جوانب القوة لديهن و معالجة بعض العيوب والنواقص الاجتماعية لديهن . ثم ينتقلن بعد هذا التدريب المكثف و التحكيم الأولي نحو منافسات مسرحية للتصفية النهائية للمراكز الثلاث الأول على مسرح المنشأة التعليمية . 

       تم التخطيط للبرنامج خلال الثلاث السنوات بطريقة منظمة جدا إبتدأت بالآتي:

-إعداد دليل إرشادي للمدارس المشاركة في البرنامج.  

-عقد برنامج تدريبي للمعلمات.  

-تدريب الطالبات على الحوار والإلقاء المسرحي لنص محدد كان عن اللغة العربية. 

-تحكيم أولى لدخول التصفية على مستوى الإدارة العامة للتربية و التعليم.  

-التحكيم النهائي و الإعلان عن المراكز الثلاث الأول. 

-المشاركة بفكرة البرنامج في ملتقى الإحساء التربوي.  

-إعداد دراسة ميدانية لقياس أثر البرنامج.  

-أعداد نشرة تربوية  لتطوير البرنامج من الإلقاء إلى التأليف 

-إعداد نصوص مسرحية من تأليف المعلمات و الطالبات.

-إعداد إطار تنظيمي لمسابقة كتابة النص المسرحي بعنوان : "  بمسابقة منابر البيان و التباين "

-حلقة تنشيطية " التعريف بمسابقة منابر البيان و التباين

-عقد ورشة عمل عن فن كتابة و إعداد النص المسرحي" بمشاركة الأدبي الثقافي الأدبي.   

-إصدار كتيب النصوص المسرحية بعنوان الوطن بيراع  صغيراته بإشراف إدارة النشاط (قسم النشاط الثقافي)، و رعاية النادي الأدبي الثقافي... 
 -استضافة الطائف للمسرح المدرسي على مستوى الوزارة في السنة الرابعة والقيام بمهام التحكيم والترشيح والتصفية النهائية.
- لازال في ذاكرتي وحوزتي الكثير من نجاحات تلك التجربة التي كنت المنسقة والمخططة لها...
بعد أربع سنوات إشراف على المسرح المدرسي ظهر لنا المسرح بصورة متطورة ولازال يتطور منطلقا من بروح وهمة مؤسسيه ورعاياه الأوائل...
 
بالفعل يعَدُ المسرح المدرسي لون من ألوان النشاط الثقافي، و الذي يعتمد على مهارة الأداء و الحوار العربي الفصيح ليجسد أو يترجم قصص أو نصوص أدبية امام جمهور طلابي باستخدام مزيج من الكلام .. الإيماءات ..  والصوت و الضوء على خشبة المسرح المدرسي. حيث يهدف إلى تنمية قدرات الطالبات العقلية و الوجدانية ،ومواهبهن الأدبية و الحوارية و مهاراتهن الثقافية الاجتماعية، كما يساعد على توجيهن وجهة اجتماعية صحيحة وسوية تسعى للتعزيز جوانب القوة ومعالجة بعض العيوب والنواقص الاجتماعية لديهن. 
من هنا فإن المدرسة التربوية  الحديثة تدرك أهمية تعزيز مهارات العرض المسرحي لما يتمتع به هذا اللون الأدبي من قدرات بالغة التأثير متمثلة فى الصورة المتحركة والكلمة المسموعة فى إطار تعبيرى يحول الموضوعات المراد طرحها إلى مادة تسترعى انتباه الطالبات، و تحفز على الربط بين النشاط المسرحى و التحصيل العلمي الذي يمدهن بمعلومات تاريخية واجتماعية جديدة من خلال  اللعب التمثيلي الذى يسهم في كثير من الأحيان في تشيكل ملامح شخصية الطالبات المستقبلية. 
كما أن المسرح المدرسي يحقق  جوانب المتعة الحسية والفكرية مع اختلاف درجاتها و يساعد على  تحقيق التكيف المدرسى وتعديل سلوك الطالبات التعليمى بما يبعثه فى أنفسهن  من إحساس بالمتعة والنشاط و روح المرح التي تزيد الدافعية الذاتية نحو الاندماج فى عالم المدرسة . بل و أكثر من ذلك فإنه يزيل بعض المعوقات النفسية أو الاجتماعية الخاصة ببعض الطالبات، ويهذب سلوكهن  ويفجر الطاقات الزائدة فى سلوكهن الذى قد يتصف بشيء من العنف أو العدوانية ويمتصها أيضاً أو قد يساهم بدوره فى تنمية قدراتهن التخيلية وازدياد قدراتهن على الإدراك والملاحظة. 
خلال تجربتي في مشروع المسرح المدرسي كان هنالك
سؤال  يطرح نفسه لي دوما ؟؟
ما الأسس و الركائز الهامة في
نجاح أي عرض مسرحي؟
فكان يتبادر في ذهني أن هذا اللون حتما يحتاج إلى توفر كوادر بشرية و إمكانات مادية تجسد النص المسرحي أو الفعل الدرامي. في هذه السطور البسيطة أطرح هذه الركائز و الأسس في ثلاث محاور هامة: 
أولاً : النص المسرحي:
 يعًرف بأنه فعل درامي طويل أو تصوير لفعل إنساني تصويراً مسرحياً يدل على معنى يتمحور حول فكرة مجسدة من خلال أقوال و أحداث و شخصيات، و يتألف من سلسلة متتابعة من الأحداث القولية و الفعلية و النفسية، فيخصص الفصل الأول لطرح و عرض الموضوع ثم تتوالى الفصول حتى يصل الحدث إلى ذروة التعقيد، ثم يبدأ الحل الذي يكًون نتيجة طبيعية لتسلسل الأحداث. لهذا فإن النص المسرحي يتألف من كلمات تعبر عن حدث رئيسي و أخرى ثانوية تتناغم في قالب المسرحية لتصور العواطف و تمثل القيم و تضفي على الحضور المتعة و الترفيه و تؤثر في سلوك الآخرين. تعد هذه الركيزة الأساسية للمسرح. بالاطلاع و القراءة فإن البناء الدارمي للمسرحية يتسع ليشمل عناصر هامة جدا مثل الحدث و أنواعه، الحبكة و عناصرها، الحوار المسرحي و مهاراته.  
 ثانياً: الكوادر البشرية:
مجموعة من الأفراد تتعاون لإعداد و تأليف نص مسرحي هادف و من ثم تقديمه لمجموعة من الأفراد في بيئة تعليمية مناسبة و محفزة ودائه وفق مهارات العرض المسرحي، و هذه الكوادر هي :
1-الحضور و هن مجموعة من طالبات منضبطات و متفاعلات لهذا النوع من الأنشطة .
2- القائمات بدور التقديم و الأداء للنصوص المسرحية و هن مجموعة من الطالبات اللاتي يتميزن القدرة على الأداء المميز للنص من حيث جودة مخارج الحروف و الطلاقة في استخدام اللغة العربية ، و مراعاة طبقات الصوت و تلوينه عند تمثيل النصوص ، و ملائمة لغة الجسد من اللغة المنطوقة، و التميز بالقدرات الشخصية مثل : الانضباط الذاتي و الالتزام بالدور المسند  و القيادة الواعية  و العلاقات الجيدة مع الآخرين و القدرة على التأثير. إضافة إلى سرعة البديهة و إتقان مهارات الحوار. مراعاة تصنيف الشخصيات في المسرحية فهنالك الشخصية المحورية و هي الرئيسة و هي التي تخلق الحدث و تصاعده و تجعل المسرحية تتحرك إلى الأمام، و تبرز هذه الشخصية عبر شخصيات أخرى ثانوية متميزة 
3- مدربة العرض المسرحي و هي المعلمة المشرفة على البرنامج و التي تتسم بالقدرة على بناء علاقات اجتماعية و إنسانية مع الآخرين،    و التحلي بالانضباط و القيادة الفاعلة. تسعى جاهدة إلى جعل النص المسرحي هادف و الشخصية المحورية ذات رسالة و هدف 
4- فريق العمل المراقب للنشاط و المساند لتأمين متطلبات المسرح المدرسي ممثل في كل من:  مديرة المدرسة و رائدة النشاط و مشرفة المجال الاجتماعي أو الثقافي .
ثالثاً : الكوادر المادية:
البيئة التعليمية المناسبة لتنفيذ النشاط و التي يجب أن يتوفر بها العناصر الآتية :
1-  الفناء   : هو الحيز من المكان الذي يضم الإفراد المعنيين بتقديم  و مشاهدة  النص الحواري  التعليمي مع مراعاة شروط السلامة و الأمن و الارتياح ،  و يحتوي على  :
1.    الباحة : مكان مخصص لجمهور الطالبات يوجد به كراسي مريحة للجلوس  مع مراعاة :
- المسافة بين الكراسي و المنبر  لا تقل عن 150 سم  تسمح بمرور الأشخاص للوصول إلى مقاعد .
- عدد الكراسي فى الصف الواحد ألا تزيد عن 14 كرسي مع وجود ثلاث ممرات تقريبا  إشعاعية مستقيمة وليست مقوسة حتى لا يقطع من يمر فى هذه الممرات أثناء العرض   مجال الرؤية للجالسين .
2.    المسرح المدرسي: هو الحيز من المكان الذي يتقاسمه الشخصيات المعنية بتقديم النص المسرحي ، و يحتوي مقصورة مرتفعة مفتوحة  تغلق بستائر متحركة أن أمكن  عن الأرض أمام الجمهور  .
3.     الديكور:  هو فن المناظر الذي يعكس اللون والصورة في العمل اللذان  يقدمان صورة تعكس المغزى من  فكرته . فيمكن للمشاهد فهم النص الأدبي من خلال الديكور المقدم له .
 من أنواع المناظر التي لها تأثير في فن الديكور:
 الستائر  - .قطع من الديكور جانبية موضح عليها رسومات تمثل بيئة معينة يمر من بينها مقدمات العمل -قطع الديكور المرسوم عليها المناظر المرتبطة بالنص مياه ،أشجار،حديقة. 
4.     الإضاءة أو المؤثرات الضوئية المناسبة للعمل المقدم سواء :
 - الإضاءة المحددة: وهى الإضاءة التي تختص بتركيز الضوء على مساحة معينة من المنصة  دون غيرها لإيلاء اهتمام خاصاً لأداء شخصية من مقدمات العمل  للفت نظر الجمهور إليها.
 - الإضاءة العامة: وهى إضاءة المنصة  ككل أثناء العرض
-الإضاءة الأخرى: وهى المؤثرات الضوئية  لإبراز حدث ضمن المشاهد مثل غروب الشمس أو البرق الخ
5 . مكبرات الصوت:  جودة مكبرات الصوت التي تقوى حجم الصوت و توفر  المؤثرات الصوتية المصاحبة للنصوص مثل صوت للمياه أو الرعد وغيرهما من المؤثرات الأخرى.
 6- الملابس والأزياء:  لابد من اختيار أزياء مقدمات النص جيداً الملائمة لأحداث النص الحواري وزمانه .. بل و ملائمتها لعلاقات الشخصيات داخل العمل الحواري ذاته  .
 7- المكياج:  يتحقق من خلال  :
أ-طريقة الطلي: وهو الاعتماد على الألوان والظلال لتغيير ملامح الشخصية.
 ب- طريقة القطع: باستخدام عناصر خارجية مساعدة لإبراز ملامح الشخصية والتي تضاف للوجه أو الجسد مقدم العمل : مثل تكبير حجم الأنف، الشعر المستعار ... الخ.

 هذه ثلاث ركائز أساسية في المسرح المدرسي: النص المسرحي و به يتضح البناء الدرامي للمسرحية، و الكوادر البشرية و لعل أهمها شخصيات المسرحية، و أخيرا الكوادر المادية لتشمل المسرح و الديكور و الأزياء....يعد ما تم طرحه مقدمة بسيطة للغاية و آلية تطبيقية لتنفيذ المسرح المدرسي بأبسط و أنجح طرقه. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

(12) مجالا لخطة 2024

قانون كونفوشيوس – قانون الغربنة في التدريب

كساء التوبة الضافي ... تأملات

مزاج البسطاء

تقنية السكينة السريعة للبروفيسور عبدالله العبدالقادر (Quick Coherence Technique )

قراءة فنية لجدارية كيث هارينغ