الجمعة، 30 أغسطس 2024

معرض الهوبال والعوبال لعام 2024

 

معرض الهوبال والعوبال لعام 2024

 

*فاطمة الشريف

جاءت تسمية عام 2024م بـ”عام الإبل” للاحتفاء بالقيمة الثقافية الفريدة التي تُمثلها الإبل

 في حياة أبناء الجزيرة العربية منذ فجر التاريخ إلى اليوم؛ إذ كانت 

هي الوسيلة لاجتياز المسافات

 وقطع القفار وتخطي وحشة الطريق، وبها استُفتحت القصائد، واختُتمت الحكايات،

 وتشكلت الصور الشاعرية، وضُربت الأمثال في رفقتها الطويلة للإنسان ووفائها الشديد له. 

وصولًا إلى وقتنا الراهن الذي تبرز فيه الإبل بوصفها شاهدًا حيًّا على الأصالة،  

وعنصرًا ثقافيًّا أساسيًّا من عناصر الهوية السعودية”.      

وزارة الثقافة السعودية

الإبل كرمز بيئي، وموروث ثقافي، وتاريخ طويل تتشارك كل من: 

المملكة العربية والسعودية، 

والإمارات العربية 

المتحدة، وقطر، وعُمان، والأردن، وأستراليا، والهند، والصومال، والسودان، وموريتانيا، وكينيا، 

في الاستفادة

 من الإبل في التربية والرعي والزراعة، وسباقات الهجن والسياحة، والتنقل والتجارة.

كما أن مجالات الأبحاث العلمية، والتعليم والتدريب، وتبادل الخبرات، والتجارة، والسياحة البيئية، 

والمشاريع الثقافية فرص ذهبية للتبادل الثقافي الدولي بين المملكة العربية السعودية والدول الأخرى، 

ولعل ما نقرأه على صفحات الأخبار الموثوقة بصحيفتي العربية وسبق 

شاهد على ما تقوم به المملكة من أنشطة ثقافية تراثية، مثل إقامة المعارض 

والمهرجانات الثقافية والمسابقات

 تتعلق بالإبل؛ باعتبارها موروثًا شعبيًّا يستخدم للتواصل بين الإبل ومُلاكها، 

ما يعزز الفهم والتقدير لهذه الهبة الربانية، فقد شاركت السعودية في “مسيرة الإبل” 

المقامة في فرنسا في أبريل المنصرم، التي يُنظّمها الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبليات 

في فرنسا وأوروبا 

في باريس احتفاءً بقرار الأمم المتحدة بتخصيص 

عام 2024م “السنة الدولية للإبليات“، 

وذلك تحت مظلة المنظمة الدولية للإبل، 

وبرعاية وزارة الثقافة ونادي الإبل في المملكة العربية السعودية،

 وما تقدمه أيضًا المنظمة الدولية للإبل التي تأسست في 21 مارس 2019 

ومقرها العاصمة الرياض، وبمشاركة 96 دولة على المستوى العالمي من جهود، 

حيث تعزيز الهوية السعودية وموروثاتها الثقافية على مستوى العالم يتجلى في عدة أنشطة 

منها: 

تأسيس الجمعية الأوروبية لملاك مزارع الإبل التابعة للمنظمة الدولية للإبل ومقرها سويسرا، 

وعقد الملتقى الأوروبي الأول لملاك مزارع الإبل في زيورخ السويسرية أكتوبر2019، 

بمشاركة 8 دول أوروبية، وإطلاق جائزة سنوية لأفضل مزرعة إبل أوروبية، 

وإقامة أول مهرجان للإبل في سويسرا في الفترة من 29- 30 أغسطس 2020م؛

 مؤشرات ناجحة ومساعٍ حميدة ترصد دور السعودية العظمى البارز في اهتمامها لتوثيق 

عرى التبادل الثقافي والتراِثي بين دول العالم.

الاحتفاء للأعوام والمناسبات الثقافية للمملكة العربية السعودية نشاط ممتع لقسم الفنون البصرية، وعادة تتجدد لمزج اللون مع الحس حبًّا وتقديرًا للوطن المعطاء، من أبرز تلك الأنشطة المعارض الافتراضية على صفحات المجلة، 

أبرزها:

معرض نقوش وطنية الأول الافتراضي واليوم الوطني 

من إعداد المحررة بالقسم الفنانة سلوي الأنصاري. 

https://shorturl.at/WrsTs

معرض نقوش وطنية الثاني الافتراضي وعام اللغة العربية 

من إعداد المحررة بالقسم الفنانة سلوي الأنصاري. 

https://youtu.be/OdTo3BHVJ3Y

ويسر القسم نشر معرضه الافتراضي الثالث وعام الإبل، علمًا بأنه احتفى بالأبل في عدة مقالات سبق نشرها في المجلة تحوي عددًا من مشاركات الفنانين والفنانات على الروابط أدناه:

مقال الإبل: رمز فخر وزينة وحداء بقلم فاطمة الشريف. 

https://fargad.sa/?p=16970

مقال عام الإبل  2024 بقلم الأستاذة شريفة المالكي. 

 https://fargad.sa/?p=30978

المعرض الافتراضي الثالث: 

معرض الهوبال والعوبال لعام 2024  إعداد فاطمة الشريف. 

في قصة رمزية مرئية، وبصوت حداء الإبل تبادل قسم الفنون البصرية بالمجلة المشاعر بصوتي الحداء: 

الهوبال والعوبال، 

الرموز الثمودية للإبل، والحرف اليدوية المرتبطة بالإبل 

الأقاليد والبُرى والسفايف والدّشِن“،

 والآثار والملاحم العربية المرتبطة بالإبل

 “أشهر نوق عبر تاريخ الجزيرة العربية“.

https://youtu.be/0EB_iEPGFkc




137

0

معرض مونيه.. من المفهوم إلى التجربة

 






فاطمة الشريف

منشور هنا

بدعوة كريمة من إمارة منطقة مكة المكرمة، زارت إدارة وأعضاء جمعية الثقافة والفنون بالطائف بقيادة الأستاذ فيصل الخديدي، وعدد من فنانين وفنانات الطائف المعرض التفاعلي (تخيّل مونيه) والمقام حاليًا بمحافظة جدة ضمن فعاليات صيف 2024، كما نال شرف الدعوة عدد من فنانين وفنانات منطقة مكة المكرمة، إذ يُعد المعرض سردًا تشكيليًّا لفنان رائد من رواد الفن المعاصر (الفنان الفرنسي كلود مونيه)، متيحًا فرصة التعرف على مسيرة حياته الفنية التي جسّدت الحركة الانطباعية، متعمقًا تجربته الفكرية والفنية لدى الزوار من الفنانين والمواطنين والسواح، دعوة كريمة، وتظاهرة فنية جديرة، وتجربة تشكيلية معرفية بتقنية مبتكرة (Image Totale) تستحق الوقوف والتعلم والتكرار، ومسيرة فنية للاقتداء تحمل في طياتها قيم ودروس إنسانية فنية. 

لقد اختصر المعرض رحلة العالم، والانتقال من مدينة إلى مدينة؛ تتبعًا للوحات مونيه الخالدة، التي ما أن تقف أمام بعضها حقيقة ترى بهوت ألوانها مع جودة قماشها وتماسك قوامها؛ لتجد نفسك معجبًا بإرث الفنان الفني القيّمي، الذي يعكس إصراره، وحبه لوطنه، واستقامة ونضوج فكره، ونقاء روحه وسجيته، فلم يكن مونيه فنانًا عاديًّا، بل كان مبدعًا، حقق إبداعه بخُلق الإصرار والعزيمة واقتناص الفرص، وعزز ذلك بصداقات إبداعية وفية رقت بالفن وحركته الرائدة، صاحب ذلك أجواء عائلية تتسم بالود والحب على الرغم من قسوة الظروف المادية.

جاء المعرض في أربع محطات تشكيلية رصينة قدّمت فكر وإبداع مونيه الفني على النحو التالي:

المحطة الأولى:

اللوحات الضوئية المعلقة عبارة عن صفحات مشرقة في مسيرة الفنان.

المحطة الثانية:

جدارية لوحات مونيه  الفوتوغرافية التي رصدت أهم سلسلة لوحاته التشكيلية.

المحطة الثالثة:

الغرفة الغامرة، والتي تتكون من 40 جهاز عرض عالي الدقة تعرض 200 لوحة فنية عملاقة تشعرك كأنك تعيش داخل لوحاته.

المحطة الرابعة:

تجسيد حديقة مونيه والجسر الياباني بحديقته في رمزية لتأثره وحبه للفن الياباني، مع ورش رسم وزراعة خارج صالة المعرض. 

الساحر في المعرض ليس اللوحات والعرض التفاعلي فحسب، بل القصص والعبارات والتجارب خلف تلك اللوحات، التي ظهر فيها مونيه فنانًا استثنائيًّا عندما قرر كسر قيود المدرسة التقليدية للفن، تجربة مونيه العالمية ببساطة تعكس الانغماس بالضوء والانطباع، فمن الاسكتش والرسوم الكاريكاتيرية صغيرًا، إلى لوحة طلاء الهواء والمناظر الخلابة، إلى جداريات رصدت جمال حديقته في أربعين سنة من الجد والجهد الدؤوب، سعى مونيه إلى التقاط ما هو عابر: الضوء، والشعور، واللحظة الآنية، والخيال الذي يجعلك تسبح في فضاء ما بعد حدود اللوحة، مؤكدًا أن التقاط الضوء والظل والحركة كما تراه العين في لحظة محددة هو ما يصنعه الانطباعي من مساحة لونية تضفي الغموض والسحر، تاركًا خلفه 3000 لوحة في مضامين الطبيعة الفرنسية، والبيئة المحلية، وجولاته لبعض مدن أوروبا مثل لندن والبندقية، وأخيرًا العائلة ومنزله.

تجربة مونيه كما قال هو عن نفسه، وما قال أصحابه عنه، تعكس رقي العلاقات الإبداعية التي تعزز قيمًا إنسانية بالكاد تراه… كتب له صديقه رجل الدولة جورج كليمنصو قائلًا:

“سوف تموت وأنت ترسم، ولا شك لدي في أنني عندما أصل إلى الجنة، سأجدك تحمل فرشاة رسم في يدك”. 

وقال عن شغفه بحديقته المائية مصدر إلهامه، وتجويده لها:

“لقد استغرقت بعض الوقت لأفهم زنابق الماء الخاصة بي، لقد قمت بزراعتها دون أن أفكر في رسمها، المناظر الطبيعية لا تصبح جزءًا من حياتك في يوم واحد، وبعد ذلك فجأة، اكتشفت مدى جمال بركتي. أخذت لوحتي، ومنذ ذلك الحين لم يكن أي موضوع آخر يأسر اهتمامك”. 

تجربة مونيه ليست أسيرة الواقع، بل هي الانزلاق التدريجي نحو التمثيل التجريدي الذي أنتج سلاسل من اللوحات التي ضحّى مونيه بالتفاصيل الدقيقة مركزًا على الشعور، والتقاط اللحظة العابرة؛ لإبراز الهواء والضوء والانطباع، ومع كل سلسلة من الأعمال الفنية تبرز قيمة فنية لدى مونيه: لوحات زنابق الماء وقيمة التجريد الذي يفقد الشكل أهميته لصالح الملمس اللوني للوحة، وأكوام القش وقيمة التركيب وسط اللوحة محاطة بمحيطها، وفي أوقات متنوعة من السنة، وواجهات كاتدرائية روان وقيمة امتلاء اللوحة، وله مع سلسلة أشجار الحور، وتأجيل بيع قطعة الأرض  حتى يتمكن من رسم مشهد الأشجار كاملة، وإقامته في ورشة محطة سان لازار راسمًا الدخان الكثيف الذي يحجب الضوء لطلاء الهواء في سلسلة لوحات محطة سان لازار، إنه ببساطة فنان مخلص لفنه ووقته وما ترصده عينه، فلم يبحث عن مشاهد استثنائية، بل رسم ما رآه بكل حرفية، سعيًا وراء التعبير عن المشاعر المثارة بالمناظر الطبيعية أو الضوء والظلال، لقد قدّم للعالم تقنية رسم الضوء، التي تعتمد على رسم التأثير اللوني للضوء دون التركيز علي الألوان المادية للأشياء، حيث قام بمراكمة الألوان المختلفة بعضها فوق بعض حيث تمتزج الألوان ضوئيًّا لتعطي انطباعًا باللون المطلوب، لقد كان الضوء لمونيه رمزا لمرور الوقت، حيث لاحظ كيف يتغير الضوء مع تغير الفصول والساعات، وأن التقاط الاختلافات الدقيقة للضوء هو وسيلة لالتقاط اللحظة الزمنية بكل تفاصيلها، لم يكن الرسم ميكانيكا مفتعلة لديه بل هو التقاط جوهر الوقت بكل ما يحمله من فرح وألم، والعودة إلى المشهد نفسه يوميًّا، راصدًا اللحظة المثالية للرسم والتي يضيء فيها ضوء الشمس بلونه البرتقالي الساطع مدة سبع دقائق فقط، وكان يقول:

“الشكل هو شيء ثانوي، ما أريد تصويره هو ما يوجد بيني وبين الشكل”. 

معرض “تخيّل مونية” موظفًا تقنية الإسقاط السردي، مستلهمًا من متحف أورانجيري، ابتكر سينوغرافيا فريدة لفهم تقنية الانطباعية بشكل أعمق، وحرّك الحواس نحو عالم من الصور الخلابة مع موسيقى تصويرية تنقل الزائر لتجربة فريدة للتفاعل مع الفن برؤية خيالية مائزة، وذكرى معرفية لا تنسى. 

رابط الفيديو، تصميم فاطمة الشريف

https://shorturl.at/RDrp9

رابط الفيديو، تصميم جمعية الثقافة والفنون بالطائف

 https://shorturl.at/dsZUM

ورش فنية على هامش المعرض 

الفنان علي الشريف: القصة والزيارة والصورة أبعاد ثلاثية لتجسيد النقوش الصخرية







المقال منشور هنا

فاطمة الشريف

المملكة العربية السعودية مهد الأمم والحضارات العريقة، ومهبط الرسالات السماوية، وموطئ الكثير من أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام على أرضه، زاخرة بصور التراث القديم من آثار وثروات تاريخية، ومعالم وقطع تراثية، ونقوش ورسومات صخرية، تجعل كل ذلك عنصراً حيوياً في اقتصادها المعرفي والمادي، ودعماً حقيقياً لمسيرتها التنموية والتطويرية.

أمم وحضارات غابرة، ورسالات ونبوءات خالدة، تعاقبت منذ آلاف السنين على صحراء هذا البلد العظيم وجبالها ووديانها، ورد ذكر أغلبها في القرآن الكريم والسنة النبوية، وتركت آثارها في العديد من المدن والقرى السعودية مثل: “مكة المكرمة – الطائف – المدينة المنورة” الشواهد الأُول لأعظم عصر في حياة البشرية، عصر الرسالة المحمدية، و”العيص، مدائن صالح، تيماء، الجبة، شويمس” شواهد الحضارة الثمودية والمسندية، و”تاروت” شاهد الحضارة السومرية، و”دومة الجندل” شاهد الحضارة الآشورية، وآثار “مدائن شعيب، العلا” في تبوك شمال غرب السعودية شواهد حضارة الأنباط القديمة، “الجوف، حائل” شواهد أخرى للعصر الحجري القديم الأوسط بأدواته “الموستيرية” وهي أدوات حجرية تتبع مرحلة ذلك العصر، و”قرية الفاو” بطريق نجران-الجرهاء شاهد الحضارة الكندية، وقرى مستحدثة مبنية بالحجارة البيضاء مثل “قرية ذي عين” في محافظة الباحة، وميناء دارين وتجارة اللؤلؤ والبخور. تباينت آثار تلك المدن والقرى ما بين كهوف منحوتة داخل الجبال، ونقوش تاريخية، ورسومات صخرية ذات دلالات ورموز، ومنحوتات بشرية وحيوانية، وأواني ومجسمات ضاربة في القدم.

يأتي فنان مبدع، بهوية فنية مميزة، جمعت بين حب الآثار والمعالم المتناثرة في أرض السعودية، وتوظيف اتجاهات تشكيلية متعددة من واقعية وتجريدية وجرافيتية؛ ليرسم لنا جل تلك الحضارات وآثارها القديمة في لوحات قماشية غاية في الجمال والإتقان، ويختزل ذلك التاريخ في صور ورموز مجسدة على إطارات تعلّق أمام المشاهدين والزّوار.



الفنان التشكيلي علي الشريف ضيف فرقد بقسم الفنون البصرية يحكي لنا مسيرته التشكيلية عن الآثار الوطنية القديمة.

يتحدث عن بدايات رحلته التشكيلية بمراحل التعليم العام مبكراً:

“كانت بوادر ممارسة الفن التشكيلي من الصف الرابع الابتدائي، وتطورت تلك الهواية منذ سنين عديدة، حيث لم يكن الفن التشكيلي منتشراً مثل أيامنا هذه، وفي ظل دعم صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، خلال الخمس والثلاثين سنة تراودني فكرة نقل النقوش الصخرية التي تحكي مخزوننا من الأثار إلى لوحات ذات صبغة حقيقية وعلمية لتلك الآثار.” فكانت رحلتي منذ تلك النية وحتى صدور الأعمال.”

يوضّح لنا تفرّد تجربته التشكيلية في ابتكار هوية خاصة به، ومنهجية معينة؛ لرسم المعالم والآثار بالمملكة العربية السعودية:

“بدأت رحلة رسم الآثار التشكيلية بزيارة المواقع التي فيها نقوش صخرية، وزرت ما نسبته ٧٥٪؜ منها، ولا زال ٢٥٪؜ لم يصلها الدور، وهي مجدولة في خطة أعمالي القادمة، وعزمت على ابتكار طرق لتجسيد النقوش موظفاً الفنون الجرافيتية، فقد سعيت إلى تعلم تكوين مواد خاصة تُستخدم في تجسيد تلك النقوش؛ فكان سفري لدولة مصر ثلاث مرات منذ عام ١٤٢٣ هـ و حتى عام ١٤٢٩هـ، قمت خلالها بزيارة المتاحف المصرية لإثراء أفكاري، وبعض المواقع التي يعمل بها النحاتون وصنّاع المنحوتات بشتى أشكالها، وتلقّيت تدريبات أثرت خبراتي وتجاربي التشكيلية، وسافرت إلى دولة ماليزيا، ودول أوروبا مثل ألمانيا والنمسا وفرنسا وسويسرا، ودول الخليج مثل الإمارات والبحرين وعمان والكويت، حيث زرت معظم متاحفها وصالاتها الفنية، وقرأت العديد من مخطوطاتها، واطلعت على هولوغرافي الحضارة اليونانية والهندية والفرعونية، كما عمدت إلى التعليم الذاتي من خلال زياراتي المنتظمة إلى مكتبة الملك فيصل، وقراءة الكثير من الكتب والأبحاث في مجال الآثار والتراث الوطني، وصقل مهاراتي بشكل مستمر؛ حتى نجحت في تشكيل هوايتي الفنية، وأتقنت أعمال التجسيد للكثير من معالم وآثار المملكة التي تقع على طريق البخور من الجنوب إلى العلا وتبوك وحايل والقصيم ومكة والمدينة وعسير والشرقية ونجران وتثليث.”

وعن منهجيته وآليته في تجسيد تلك النقوش يقول:

“ثلاث ركائز أساسية دوماً هي بالاعتبار عند تجسيد أو رسم أي نقش صخري أولاً: كل نقش أو رمز له قصة أو حدث وقع خلال تاريخ دول وحضارات جزيرة العرب، والتي منها: حضارة قوم عاد (مدائن هود)، وقوم ثمود (مدائن صالح)، وقوم الأيكة (مدائن شعيب)، ومملكة كندة (الفاو)…؛ لذلك يعد البحث والاطلاع أولى تلك الركائز، ثانياً: زيارة الموقع الأثري وفحصه جيداً عبر مكبر لمعرفة نقرات الزخرفة داخل النقش، وماذا يقصد بها الفنان القديم، ثم التقاط صور واضحة وفق دقة ومقاسات وأبعاد محددة، حيث إن الصور العادية لا تعكس الأبعاد المطلوبة بين الصورة والنقش، ثالثاً: مراعاة أن عملية التجسيد تمر بعدة مراحل، موزعة وفق وقت وأعمال متنوعة، فهي عبارة عن تكوين النقش وتركيبه بمكونات مختلفة من المواد التي تستخدم في تجسيد العناصر من النقوش الصخرية في درجة حرارة معينة، ومن ثم نقله على اللوحة وفق عملية دقيقة تعكس تناسب مقاسات النقش على الطبيعة مع مقاسات رسمه وتجسيده على اللوحة، وعموماً المراحل متعددة ويتعذر إيجازها في هذا الموضع.”

يشرح لنا الشريف عن إنتاجه الأول في فن أعمال التجسيد (Relief Sculpture)

“كانت أول تجربة تشكيلية عبارة عن لوحة تجسيد الرجل العربي الثمودي، بعد جمع معلومات عن أوصافه، وأخذ ملامح التصميم من النقوش الصخرية التي زرتها سابقاً، وحرصت على نشر أعمالي على حسابي في موقع “تويتر” خلال الخمس سنوات الماضية. كما وأفتخر بقبول متحف مركز الملك عبدالعزيز للإثراء الثقافي العالمي بالمنطقة الشرقية قبول إهداءات من لوحاتي: لوحة لغة الكهوف، والقط الثمودي، والتوقيع على إجازتهما للمتحف.”

يتحدث الشريف عن أول معرض له (رواق جسفت) قائلاً:

“ولله الحمد أقام رواق جسفت معرضاً جماعياً، عُرض لي فيه أربعٌ وثلاثون لوحة ذات مقاسات كبيرة، وافتتح المعرض سعادة مستشار الفنون التشكيلية بالمملكة الأستاذ فهد الربيق، وبحضور رئيسة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية الدكتورة منال الرويشد، والدكتورة هناء الشبلي مديرة التخطيط بجمعية جسفت، وزار المعرض الكثير من المهتمين والسياح من داخل وخارج المملكة حيث إن المعرض نال استحسان الجميع. من القصص التي أفتخر بأحداثها خلال مرحلة العرض: حضور إحدى سيدات المجتمع السعودي بباقة ورد قائلة لي: وفقك الله، وشكراً لك أن جعلتني أرى هذه النقوش الصخرية. قد كان موقفها من المواقف التي شجعتني على مواصلة مسيرتي التشكيلية، حيث وصل عدد لوحاتي إلى سبعٍ وثمانين لوحة، وسيستمر العطاء في نقل النقوش من الصخور على لوحات من الكانفاس، مع ابتكار مشاريع فكرية جديدة غرضها تسهيل للمشاهد والجمهور الكريم الاطلاع على تلك النقوش الصخرية؛ لإثراء الحصيلة المعرفية بثقافة الآثار، والتعرّف عليها من قرب.”

يفسّر لنا الشريف خطوات أساسية لاحتراف الفنان وجودة مخرجاته:

١- الإلمام بالأنتروبولوجيا للإنسان القديم الذي عاش قبل الميلاد على أرض وطننا الغالي، والذي أسس حضارات وصناعات ازدهرت بها شبه الجزيرة العربية، الأمر الذي ساهم بشكل واضح في إنتاجي التشكيلي للوحات تحاكي الصناعة والتجارة والزراعة والفنون البيئية، موضحة حالات الفروسية من الصراع والاقتتال والحروب القديمة لذلك الإنسان خلال العصور الحجرية قبل الميلاد ( ١٢٠٠٠).

٢- صياغة رسالة ورؤية وأهداف للفنان تسهل عليه إثراء مجتمعه السعودي بفكره وفنه، وإظهار آثارنا بشكل بصري؛ ليتعرف عليها العالم من حولنا، وتعريف السائح المحلي والأجنبي عن موروثنا الثقافي الأثري.

٣- عقد النية مع بذل الجهد على المساهمة الفعّالة بجزء متواضع في تحقيق رؤية سيدي ولي العهد محمد بن سلمان (٢٠٣٠) من خلال إنتاج لوحات تشكيلية بمثابة جسر يربط بين الحضارات والثقافات المتنوعة، ونقل المشاهد في رحلة بصرية عبر الزمن لآلاف السنين.

٤- المساهمة الجادة في إيجاد مدخل إلى ما يعرف (بالقوى الناعمة)، والتي قد تصبح معها الفنون البصرية بمدارسها تساهم في نمو اقتصاد وطننا التشكيلي والسياحي، وذلك بالعمل الجاد المتقن، وتحت توجيهات المعنيين في ذلك، بعرضها في مواقع وصالات عرض يسهل الوصول لها، على أن تكون ضمن برامج المجموعات السياحية عند قدومها للمملكة.

٥- الحرص على عقد شراكات فردية ومؤسسية مع الجهات ذات العلاقة مثل: وزارة السياحة أو الثقافة أو صندوق الاستثمارات العامة أو شركة أرامكو في تبني مشاريع تشكيلية رائدة في مجال الآثار والمعالم في وطننا الغالي.

٦- الحرص على المشاركة في إقامة معارض (جماعية أو شخصية) بجميع مناطق المملكة للتعريف بموروثنا الأثري عبر النتاج التشكيلي، وحضور الفعاليات والمناسبات، تبادل زيارات بين الفنانين للوقوف على إنتاجهم التشكيلي.

٧- توثيق التجارب المتميزة، والخبرات الفذة في مخرجات مكتوبة، تضيف المائز والماتع للمكتبة العربية.

كلمة أخيرة يضيفها الشريف إلى قراء فرقد الأعزاء مسطراً بها أهم أمنياته:

أسعدني تواصلكم وحواركم السيدة ممثلة مجلة فرقد / قسم الفنون البصرية، وشكري العميق على إتاحة الفرصة لي في هذا اللقاء بالتعريف عن تجربتي التشكيلية التي أرجو أن تعم بها الفائدة…

من أمنياتي أن أدّرس ما تعلمته في عالم الفنون التشكيلية: تجسيد وتكوين النقوش على مدار خمسة وثلاثين عاماً إلى من يهوى هذا المجال لتعزيز آثارنا، وتقديم دورات وورش عمل في هذا المجال، ومن أمنياتي أيضا التواصل الدائم مع هيئة الآثار السعودية في دعم مشروع تدريب وتعليم الأجيال تجسيد النقوش الأثرية والاستفادة من مخرجاتها في دعم السياحة عبر عرضها في المتاحف والصالات الأثرية، وتحويل جميع إنتاجاتي التشكيلية في هذا المجال إلى كتب مطبوعة برعاية المهتمين في هذا المجال.

للمزيد للتواصل مع التشكيلي علي الشريف

حسابه على “تويتر”:

_AlsharifAli@

من أعماله التشكيلية

لوحة: الهولوغرافيا الثمودية

على غرار الهولوغرافيا العالمية تعد اللوحة مصدر رمزي لتاريخ آثار النقوش الصخرية للحضارة الثمودية. لكل عنصر تشكيلي مصغر منقوش صخري يفسّر قصة وحدث. جميع عناصر اللوحة تم رصد معلوماتها التاريخية لإخراجها في كتاب مطبوع.




لوحة: القط الثمودي

إحدى مقتنيات متحف مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي “إثراء” تحكي جانب من جوانب الزخرفة نُقشت على الصخور، وهي عبارة عن المثلثات والمربعات، وقرص الشمس والدائرة، والنجمة من ثلاثية الأضلاع إلى ذات الأضلاع الحادية عشرة، وأشكال تمثل حركة في الإنسان، أخذت عناصرها من أكثر من سبعة نقوش من الحجر: وادي القرى، تبوك، تيماء، حائل، وضعتها بلوحتين تشكل أكثر من ثمانية عشر شكلاً زخرفياً تقريباً. تبرهن تلك النقوش القديمة الممثلة في الأشكال الهندسية أن تلك الحضارات سبقت العلم الحديث في ملكية تلك الأشكال.




لوحات: لغة الكهوف من مقتنيات متحف مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي “إثراء”

هناك ثلاث لوحات:

١-٢: لوحتان عن لغات الكهوف في العالم

٣-: لغات الكهوف في المملكة العربية السعودية






الرجل العربي الثمودي















المعذرة عام 1447

 مع بداية عام 1447 أقدم اعتذاري له، حيث أني عند كتابة مقالي بعنوان الهجرة النبوية: رحلة عبر الزمنكان واللون افتتحت المقال بهذه الفقرة:  ...