مهلا أيها الغاضبون...
يجمع خبراء علم النفس أن الانفعالات هي خبرة نفسية طارئة تمثل استجابة لمؤثر معين؛ حيث تتخذ هذه الانفعالات شكلا قويا أو ضعيفا، يسهل على البعض التعامل معها، ويصعب على البعض الآخر إدارتها والسيطرة عليها، إما لأنها جديدة ولم يتم التعامل معها من قبل، أو ممارسة طرق معينة كردود فعل عندما تحدث.
هنالك أربع أنواع أساسية للانفعالات هي: الخوف والحزن والغضب والفرح، في حين أن البقية تتكون من دمج هذه الأنواع الأربع. تتسم الانفعالات بأنها أزمة نفسية طارئة وتغير عضوي مفاجئ لم يستطع صاحبها التكيف السريع معها؛ لذا فهي تعكس حالة جسمية نفسية يصاحبها توتر شديد مع اضطرابات عضوية تغشى أجهزة الانسان الدموية والتنفسية والعضلية والغدديه والهضمية مع كيانه العصبي، تتضح في السلوك وردود الفعل. كما تؤثر على التفكير والعمليات العقلية الأخرى من إدراك واستقراء واستدلال ومحاكمة. فكلما كان الانفعال أكثر حدة كان مستوى التفكير أكثر بدائية.
على ما سبق من مدلولات نجد أن صعوبة إدارة الانفعالات لفترة طويلة من الزمن قد يؤدي إلى مشاكل في الصحة النفسية، والتعرض إلى العديد من الأمراض النفسية المزمنة؛ لذا علينا فهم هذه الانفعالات والتدرب على إدارتها ومواجهتها بطرق واستراتيجيات علمية.
علينا أن نفهم أن هذه الانفعالات لها غرض ورسالة تعطي معلومات. كما أن لها دور مفيد في حياتنا إذا فهمنا رسالتها فهي تجعلنا نستجيب بطرق معينة. فمثلا انفعال الغضب من شخص يقفز أمامك في الطابور في الغالب يكون مصحوبا بشعور التوتر والحاجة إلى المواجهة. أما عن رسالة غضبك هو معاملة ذلك الشخص غير المهذبة والعادلة معك في أخذ دورك في الطابور. عليه فإن هذه الرسالة الانفعالية وصلت إلينا بثلاث طرق: جسمنا، وعقلنا وما يشمل من أفكار وذكريات وخيال، وسلوكنا. فإذا تعلمنا كيف نتعامل مع هذه الطرق الثلاث يمكن فهم وإدارة الانفعال. فعند شعور الغضب من الشخص المتعدي عليك في الطابور تجد أن عقلك تمحور حول ما فعله الشخص تجاهك، فشعر جسمك بزيادة نبضات القلب، وبدأ يظهر سلوك المواجهة إما بتوجيهه أو خصامه. إن ممارسة فهم انفعالاتنا يدفعنا نحو التركيز على هذه المجالات الثلاثة (الجسم، العقل، السلوك) ومعالجتها بوعي يجعلنا ننسجم مع مشاعرنا وذواتنا.
القدرة على تصنيف الانفعالات، والتركيز على مجالات ردود الفعل هي أولى خطوات إدارتها والسيطرة عليها، وهي ما تسمى بمهارة "وضع العلامات". كما أن فهم ما يسمى "المنطقة المعتدلة" أو "نافذة التسامح" التي تقوم على مبدأ أن لدى الجميع منطقة معتدلة يمكن من خلالها إدارة الانفعالات بشكل منتج. فوجودنا داخل هذه المنطقة يسمح لنا بإدراك الانفعالات، واتخاذ قرار الوسيلة الأفضل للرد. أن تنشيط هذه المنطقة يجعلنا قادرين على التفكير بوضوح، واتخاذ القرارات المناسبة، والتفاعل بشكل جيد مع الآخرين، ومن ثم السيطرة على الانفعال. كما أن زيادة الوعي بالردود الانفعالية التي تخرجك من منطقة التسامح نقطة هامة في التحكم بالانفعالات، وتعلّم طرق وأساليب جديدة تساعد على البقاء في المنطقة المعتدلة ولاستجابة بطرق أفضل.
بعد أن تبقي نفسك واعياً ونشطاً في "المنطقة المعتدلة" عليك أن توسع منطقة الاعتدال لديك، وتعزز ردود الفعل الصحيحة. لنأخذ من انفعال الغضب مثال لنتدرب على توسيع منطقة التسامح وتعزيز ردود الفعل الإيجابية. تقترح جويس ماير (Joyce Meyer) في كتابها (Seven Things That Steal Your Joy)...ولكم أعزائي القراء أن تعقدوا جلسة تدريبية مع ذواتكم، وممارسات تدريبية للتغلب على الغضب..
- الانتصار الحقيقي على الغضب يتم عن طريق الاختيار وليس عن طريق الشعور، فالجميع لديه مواقف مختلفة تستلزم إدارة الغضب وكظم الغيظ، وتحمل تبعات ومسؤوليات غضبك، وتعلم كيف تتعامل معه.
- عندما تغضب لا ترتكب خطيئة أو أثم، ولا تجعل غضبك يدوم حتى تغرب الشمس، ولا تأوي إلى فراشك بغضبك.
- الغضب يعني الجنون، فماذا تحب أن تكون سعيدا أم مجنونا؟
- انتظر حتى تهدأ وتخمد مشاعر الغيظ ثم حدد ما يجب عليك فعله.
- إذا كنت ستصبح ودودًا في الأسبوع القادم بعد أن يخمد غضبك، فلماذا تضيّع يومين أو ثلاثة أيام في غضبي الآن؟ دعونا نمضي قدمًا ونكون ودودين من الآن.
- تحدّث مع نفسك، وتعلم أن تقول لنفسك أهدئي وفكري جيدا.
- استمع أكثر مما تتحدث. وكن بطيئًا في أن تشعر بالإهانة والغضب.
- اتصف بالصفات الربانية وتعلم من الله سبحانه حلمه ورحمته.
- تذكر أن كاظمين الغيظ هم ورثة الله على أرضه وهم سادة خلقه.
- سامح نفسك والآخرين.
- عش مشاعر الرضا عن الله، ومارس شكره دوما.
%E2%81%A9.png)
تعليقات
إرسال تعليق