أحلام يقظة: سعة من الأمل وفسحة في العيش











نشرد بأذهاننا في وسط النهار، 

ونستغرق في أحلامنا ونحن على مكاتبنا أو مع أصحابنا ، 

متكئون على الأرائك أو مستقلون على الأسّرة،

 نحن نسبح في بحر من الأحلام والأمنيات.. 


لابأس… بل رائع جدا إنها أحلام اليقظة

تلك التي تأخذنا بعيدا قليلا تساعدنا لإدراك رغباتنا وأهدافنا في الحياة … بل وتحمل بصيص من الضياء لنطلع على دواخلنا … 

إنها طريقة محفزة لعقولنا وصقل تفكيرنا


فهنالك حلما بالسفر ، 

وأخر بلقاء من نحب، و غيره من امتلاك منزل العمر أو سيارة فارهة أو ….الخ


مشاهد لا تنتهي، 

وأحاسيس غامرة بالبهجة والحماس، تتجلى أمامك  

عند مشاهدة موقف أو سماع عبارة أو قراءة كتاب

 فيأخذك ذلك كله إلى عالم أخر

هي أحلام يقظة، وهي سعة من الأمل، 

وفسحة في العيش، متى ما أتقن الإنسان توظيفها… 


في مقال بعنوان خمس فوائد لأحلام اليقظة من منظور علم النفس 

للكاتبة جوديث وودز Judith Woods تقول فيه


تؤكد أن هنالك دراسة مفادها " أن أحلام اليقظة تستحوذ على نصف نشاط الإنسان الذهني وثمة مبرر لها؛ إذ أن لها دورا جوهريا في  مساعدة الإنسان على تحقيق أهدافه، والكشف عن تطلعاته ورغباته،

 وحتى مخاوفه الدفينة، .."


ويوضح استاذ علم النفس بجامعة مينيسوتا الإمريكية 

إريك كلينغر (Eric Klinger) على 


"الرغم من أنا لأحلام اليقظة قد تبدو حالة من التناقض، فإنها تسمح بتنظيم الذات، ذلك أن الأفكار الغريبة والمشوشة تساعد على ترتيب خططه الحياتية وتحليل التجارب السابقة وتعلّم دورس المستقبل."

 فهي بالفعل طريقة للتعلم من التجارب السابقة .


وهي يرى أن أحلام اليقظة التي تستمر مدة ١٤ ثانية في المتوسط هي حالة

 فريدة في استحضار رغبات وأهداف الإنسان المعروفة لديه سابقا، 

فهي لا تنتج معلومات جديدة بل تعزز أفكارًا تتيح له التواصل مع ذاته

هذا التواصل المفترض أن يعزز لديك مبدأ السيطرة على الأفكار 

الإيجابية ومحو وتنظيف العقل من الأفكار السلبية … 

وهذه الأفكار في الغالب على نمطين فكر المنتصر أو المهزوم… 


يقول المدرب ومختص علم النفس البريطاني كليف أرنال (Cliff Arnal)


 "تمثّل أحلام اليقظة طريقة للهروب من لحظات التوتر أو الإحباط 

أو السأم التي يفرضها الواقع على الإنسان، فيرسم عالما مثاليا 

في ذهنه ويتخذ منه ملاذا له، لذلك فإن تكرر هذه الأحلام قد يشير ربما أن الوقت قد حان ليجري تغييرا ماعلى حياته ليس كبيرا بالضرورة؛ 

بل يمكن أن يكون مثلا البدء بممارسة نشاط يرفع معنوياته ويشعره بالتقدير الذي يبحث عنه." 


بالفعل تشكل أحلام اليقظة سيناريو علاجي في بعض الأحيان في تعديل المزاج والعمل على استرخائه أو ترفيهه.. ويوضح آرنال قائلا:"تخيل المواقف السلبية لا يعني بالضرورة أن الشخص يشعر بالقلق، فهي وسيلة يستعرض من خلالها الأحداث في ذهنه ليري كيف يمكنه العمل على تحسين حياته واكتشاف سبل جديدة لذلك؛ لكن إذا كانت الأفكار السلبية هي المسيطرة فقط  فإن ذلك سيحرمه من الطمأنينة 

اللازمة لإدارة عواطفه وبدلا من أن تساعده أحلامه على التنفيس عن 

مشاعر الغضب مثلا، ستؤدي الى تراكمها، والحل في هذه الحالة استحضار أفكار تساعده على الاسترخاء وتهدئة توتره." 


يستغرق المراهقون والأطفال في أحلام اليقظة أكثر من الراشدين 

فهي طريقتهم لاكتشاف الذات وجوانب الحياة، ومع التجارب والنضج،

 تصبح أحلام اليقظة مجرد أداة مساعدة لتحقيق النجاح وإدارة العواطفوصقل قدرات التخطيط المستقبلي.


وتختم مقالها أن أحلام اليقظة تجدد الطاقة النفسية، ففي كتاب شاعرية الأحلام 

للمؤلف غاستون باشلارد (Gaston Bachelard) عن ما اسماه 

"أحلام اليقظة الكونيةالتي يرى أن لها بعدا روحيا

 " تبعدنا أحلام اليقظة الكونية عن أحلام اليقظة ذات الهدف، 

 وتضعنا ضمن عالم لا ضمن مجتمع، إنها حالة من الاستقرار والسكينة تستحق كل لحظة نقضيها فيها." 


في ثنايا المقال الذي اختصرته لكم تذكرت مقولة للكاتب والأديب الأمريكي

 كارل جنق (Carl Jung):


“Only the dreamer knows the dream”


نعم الحالم هو الشخص الذي يعرف ويقدر قيمة حلمه، والذكي اعتقد هو من يستطيع أن يحول هذا الحلم إلى نية ذات مشاعر إيجابية، وهدف يحفزه يوميا على العمل والمثابرة لتحقيق هذا الحلم ليصبح حقيقة أمام ناظريه… متى ما استشعرنا فنحن حركنا عقولنا، ووظفنا مهاراتها نحو سلوك يوصلنا إلى إنجازات عظيمة 

تسعدنا وتحفزنا خلال العام الحالي… 


الحلم والأمنية ما هي إلا فرصة لاستثمار وقتنا وإعماره 

بالأعمال والمنجزات القيّمة… إذا تحركنا كل ماحولنا يتحرك ليساعدنا… فالأهم هو استشعار معية الله سبحانه وتعالى وتوفيقه وتسخيره كل خير لك


دوما البدايات فرصة للتخطيط والتحليق في سماء الأحلام والأماني المحولة إلى أهداف وخطط تجعل حياتنا عامرة بالعمل والإنجاز، فشمروا السواعد وأحملوا الأقلام وحلقوا في فضاء الأحلام واكتبوا خطط عام حافل وزاهر


كل عام وأنتم في أتم صحة وعافية …

فاطمة الشريف 





 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

(12) مجالا لخطة 2024

قانون كونفوشيوس – قانون الغربنة في التدريب

كساء التوبة الضافي ... تأملات

مزاج البسطاء

تقنية السكينة السريعة للبروفيسور عبدالله العبدالقادر (Quick Coherence Technique )

قراءة فنية لجدارية كيث هارينغ