الرحلة العلمية لبرنامج دبلوم العلاج بالفن












فاطمة الشريف
المقال منشور على الرابط : هنا

شَرُفَ مجموعة من فنانين وفنانات السعودية بالالتحاق في برنامج دبلوم العلاج بالفن الذي نظمته الشبكة الدولية للفنون التشكيلية بالتعاون مع جامعة إربد الأهلية والإتحاد الأوربي، ذلك البرنامج الذي جمع الكثير من المعارف التراكمية لدى المشاركين، وأضاف الجديد الماتع من خبرات الكادر التعليمي من الأساتذة والطلبة الذين كان أغلبهم مما لهم باع طويل في مجال الإرشاد النفسي والاجتماعي والعلاج بالفنون البصرية أو الأدائية؛ فجاء الدبلوم درجة أكاديمية كللت تلك المعارف والتجارب إلى خبرات تعليمية راقية نعتز بإضافتها في سجلنا الأكاديمي الذي حتمًا سيصنع منحنى تعليميًا جديدًا يرتقي بالفن والعلاج بالفن.

وقد كان من فعاليات الدبلوم الرحلة العلمية، والتي هدفت لتعزيز ثقافة العلاج بالفن، وإبراز أهميته، والتطبيق العملي للأساليب الحديثة له مثل: العلاج بالسيكو دراما، وبالموسيقا الهادئة أثناء الرسم الحر، والتفريغ النفسي عبر الرياضة واستخدام الرمل والطين، حيث شملت الرحلة فعاليات داعمة لتقنيات العلاج بالفن عبر المحطات التالية:

– المحطة الأولى رحلة وادي رم والرسم الحر لمعرض افتراضي قادم، ومحاضرة للدكتور خالد الحمزة، والتي أشار إلى أهمية إلمام المعالج بالفن بعلوم الفن بدءًا بتاريخ الفن، ونظريات الفن، والنقد الفني، والتربية الفنية، والعلاج بالفن، وكما أكد على أهمية ممارسة الفن أسلوبًا علاجيًا، والكتابة عن تلك العلوم والتعريف بها.

– المحطة الثانية خليج العقبة، وورشة الموسيقا وأثرها النفسي بالعلاج بالفن، والتي قدمتها الدكتورة تمارة نصير، وأكدت فيها على أهمية العلاج بالموسيقا كأداة تعبيرية تشمل أنواعًا عديدة ذات علاقة مثل: العزف، والغناء، والرقص، والاستماع، ومناقشة الموسيقا، والمستهدفون بالعلاج بها، وأشارت إلى رقي الموسيقا الشرقية ودورها الفاعل في التشافي النفسي مستشهدةً في ذلك للفنان والموسيقار العراقي (نصير شمة) وتجربته الموسيقية والتشافي من خلال أعماله (ملجأ العامرية) و(قصة حب شرقية).

في المحطة الثانية والتي استمتع بها المشاركون، ونالوا شرف رؤيتها مرتين بظروف متنوعة وبنفس درجة الإتقان: مرة في سلطة العقبة، والثانية في حفل التخرج في جامعة أربد… إنه العلاج بالسيكو دراما.

هنا لنا أن نقف ونتأمل الدور الريادي الذي قام به فريق مسرح نعم من مدينة الخليل بفلسطين بطاقمهم الثلاثي المبدع (بشرى الأطرش- سحر زماعرة – علا أبو سنينة) والطالب (الفنان محمد البيطار) من الأردن، وقد أشاد المنظمون بأن المسرحية وعرض الحكواتي:

“امتاز بحرفية عالية وتميز، لخصوا من خلاله فكرة العلاج بالفن، وشكّل العرض نقطة تفاعل حقيقية مع الخريجين والجمهور الحاضر، معلنين بذلك أهمية العلاج بالفن والفائدة التي يمكن أن تحقق منه.” وقد طرح العرضان المسرحيان أسلوبين من أساليب العلاج بالفن: القصة العلاجية عبر عرض الحكواتي، والرسم التخيلي عبر مسرحية نغم.

لقد قدّم العرض نموذجًا ممتعًا لمسرح المضطهدين بأسلوب فكاهي وجريء يبحث في عمق مشكلة اجتماعية تعاني من الاضطهاد والخلل المجتمعي الداخلي، وتميّز ببنائه الدرامي المتقن من حيث رصانة الحوار، وأبنية الشخصية، وبساطة السينوغرافيا المعبرة عن الحدث، وتنامي الصراع، وجودة الحبكة المسرحية التي راعت عنصر التشافي لدى الجمهور وأخذت بهم إلى التفاعل حيال الدور الرائد للمعالج بالفن بصورة إبداعية محبوكة. على مدار الثمان دقائق قدّم (مسرح نعم) صورة مشرقة للعرض المسرحي المحبوك، لتتجلى للمشاهدين خصائصه التفاعلية الحوارية، الجدير بالذكر أن (مسرح نعم) يعمل في مجال مسرح الفتيان وتعليم الدراما في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية منذ قرابة الخمسة عشر عامًا من الخبرة الفنية والمهنية في تنفيذ الأنشطة والمشاريع والبرامج الدرامية التي تعمل على تنمية قدرات الأطفال والشباب عن طريق استخدام الدراما كأسلوب للتعبير عن الذات، وطرح المشاكل الحياتية والقضايا الاجتماعية أمام الجمهور، متحدّين بذلك الواقع السلبي للاحتلال، وفاتحين أمام أنفسهم آفاقًا جديدة للمستقبل، ومعبرين عن هويتهم وثقافتهم ومشكلاتهم الداخلية، بالفعل قدّم فريق نعم المسرحي صورة خلاّقة للعمل الدرامي الجاد والمثقف والواعي، فكان بجد أروع ما قدمته الرحلة، ولعل تتويج مسرحية «خيل تايهة» لفرقة مسرح «نعم» بالجائزة الكبرى لمهرجان المسرح العربي» في 2015 شاهد على ذلك الإبداع والتميز، وحصل مسرح نعم على المركز الأول افضل عمل مسرحي وأفضل إخراج وأفضل ممثلين وأفضل ديكور واضاءة في مهرجان الإسكندرية 2023، وتخلل تلك الأيام فعاليات حرة للاسترخاء، وتفريغ نفسي بالرمل، ومسير ليلي تحت النجوم، والإضاءات الخافتة، واستخدام الملح وطين البحر الميت.

– المحطة الرابعة حفل ختام الرحلة العلمية، وتكريم المشاركين، وتخريج الطلبة لدبلوم العلاج بالفن في مسرح الكندي في جامعة إربد الاهلية برعاية كريمة من رئيس الجامعة أ.د. أحمد الخصاونة، واللقاء مع الطلبة الذين اجتمعوا من ثمانية بلدان عربية، قضوا في دراستهم تسعة أشهر بما يعادل 300 ساعة تدريسية (نظري وعملي)، وقد تحدثت أ.د. نجوى الخصاونة وهي أحد أعضاء اللجنة الأكاديمية في الدبلوم عن دور الجامعة وشبكة الفنون التشكيلية في نجاح هذا الدبلوم وتميزه على مستوى اثنتا عشرة جامعة من الأردن والوطن العربي وأوروبا، وتميز الطلبة في مسيرتهم التعليمية والمخرجات العلمية التي تم تحقيقها.

وفي كلمة الخريجين تحدثت د. نادين غرة من لبنان عن الجهد الكبير الذي بذلته شبكة الفنون التشكيلية والجامعة والمحاضرين في هذا الدبلوم، وكررت شكرها وشكر الخريجين في تمكين الطلبة من تحقيق حلم تعلّم العلاج بالفن وفق أساسيات علمية.

واختتم الحفل بتكريم هيئة تدريس برنامج الدبلوم:

أ.د محمد المؤمني. وأ.د ناهض العلاونة. وأ.د نجوى الخصاونة. وأ.د موفق السقار. ومدير الشبكة الدولية للفنون والمستشار د. نمر رباح والفريق المساند معه. والطلبة الخريجين من الدول العربية.

وقد حظى بالحصول على دبلوم العلاج بالفن من المملكة العربية السعودية قرابة ثمانية عشر فنان وفنانة من هم:

محمد بنتن، فاطمة الشريف، هوازن الصافي، ياسمين صديق، بيداء شقدار، ليلى الشريف، عُريب أبو عياش، مناير الدوسري، أريج الفضل، نوره عاصي، دارين ناصف، منال بن محفوظ، بهية الجاسر، عفاف الحربي، حنان سعد.

ختامًا في عصرنا الحالي يمتلك الفن بأنواعه من الوظائف الجمالية، والتسجيلية، والتطهيرية، والتنفسية، والعلاجية ما يجعله يرقى بنفسه وبدوره إلى مصاف العلم والوظيفة والمهنة.

صور الرحلة العلمية ومحطات العلاج بالفن

    الهيئة التعليمية في الرحلة العلمية




لوحات المرسم الحر في وادي رم









لقطات من مسرحية نغم والعرض المسرحي الحكواتي







حفل التخرج

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

(12) مجالا لخطة 2024

قانون كونفوشيوس – قانون الغربنة في التدريب

كساء التوبة الضافي ... تأملات

مزاج البسطاء

تقنية السكينة السريعة للبروفيسور عبدالله العبدالقادر (Quick Coherence Technique )

قراءة فنية لجدارية كيث هارينغ