النور يُهدى إليك في آية... في حديث نبوي...عبارة من قول عالم مسلم رباني...أو مفكر أصاب عين الحقيقة
يتوالد معه إيمانا ويقينا يجعلك تقبل كل شيء مع قولك سبحان الله...
والعلم يحلق بك تحت ظلال الملاحظة، والتجربة، والدراسة، والبحث، والبراهين، والحجج، لتتذكر قوله تعالى
سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ
أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاءِ رَبِّهِمْ ۗ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ (54)
في أروقة متحف التاريخ الوطني ومكتبة جورج تاون بواشنطن، حيث تُعرض الأحفوريات (Fossils) وتتدارس النظريات.
كان صوت العالِم برنارد وود الذي سمعت محاضرته والتعريف بإنجازاته يتردد في ذهني، وصورته وهو
يجيب عن بعض أسئلتي قائلا أنه علم التاريخ الطبيعي:
"الأدلة الأحفورية تشير إلى تطور الإنسان من أسلاف مشتركة مع بعض المخلوقات، لكن البحث لا يزال مستمرًا…
لا شيء محسوم بعد." وفي مكان آخر، أمام قاعة ديفيد كوك بالمتحف، كانت فكرة أخرى تُطرح:
“الإنسان نتاج ملايين السنين من التغيرات البيولوجية، إنه مجرد مرحلة في تاريخ الحياة على الأرض.”
لم أكن أبحث عن إجابات مطلقة لدى زيارة قاعة كوك للأحافير – الزمن العميق في متحف التاريخ الطبيعي التابع لمؤسسة
سميثسونيان. كنت هناك بدافع الفضول، بين العظام المتحجرة والنماذج ثلاثية الأبعاد التي تحكي قصة ستة ملايين سنة من
التطور البشري. كل شيء كان يوحي بترتيب دقيق ومنهج علمي صارم—معروضات لا تكتفي بعرض الأحافير، بل توثق كيف
شكّلت البيئة والطفرات البيولوجية فئة من البشر في الماضي السحيق، من شرق إفريقيا إلى آسيا
ومن كينيا إلى الصين وإندونيسيا.
شعرت أنني أقف وسط حوار مدبلج بين الماضي والمستقبل، بين الأدلة المنحوتة في الصخر والشكوك التي لا تزال قائمة.
لكن ربما كانت زيارتي الأهم هي حضوري محاضرة للبروفيسور برنارد وود. لم يكن حديثه علميًا مجردًا كما توقعت.
نعم،
تحدث عن أبحاثه التي بدأت في لندن عندما كان طالبًا، وعن رحلاته الاستكشافية إلى إفريقيا حيث الأحافير.
لكنه كان يدرك أيضًا أن البحث في نظرية تطور الإنسان لا يزال في منتصف الطريق، وأن هناك أسئلة لم تجد إجابات حاسمة بعد.
أثار انتباهي تأكيده على أن مصطلح "الإنسان الحديث" واسع جدًا، ويتطلب تفصيلًا علميًا دقيقا.
فحين نستخدم كلمة "Modern Human" (الإنسان الحديث)، فنحن لا نتحدث عن كل من ينتمي إلى الجنس البشري عبر
التاريخ، بل فقط عن الإنسان العاقل (Homo sapiens)، الذي تطور قبل 300 ألف سنة تقريبًا.
أما كلمة "Human"، فهي تمتد لتشمل كل الأنواع التي تنتمي إلى جنس Homo، مثل النياندرتال وإنسان دينيسوفا،
وحتى بعض الأجناس الأقدم التي لم تعد موجودة. التمييز بين المصطلحين ليس لغويًا فقط، بل هو محاولة لفهم التحولات الكبيرة
التي جعلت البشر يختلفون حتى يومنا.
لكن أكثر ما أثار فضولي هو حديثه عن الحمض النووي وعلاقته بالشمبانزي. قالها بثقة:
“هناك علاقة بين حمضي النووي وحمض الشمبانزي النووي.” لم يكن يقصد بالطبع أن الإنسان ينحدر من الشمبانزي،
بل أن كلاهما يشتركان في سلف مشترك. حقيقة أن البشر والشمبانزي يتشاركون 98.8% من الحمض النووي ليست مجرد رقم،
بل مفتاح لفهم كيف انفصلت مسارات التطور، وكيف لعبت طفرات جينية صغيرة دورًا في صنع الاختلافات الكبرى
التي جعلت منا نوعًا قادرًا على تطوير اللغة والفن والتكنولوجيا.
كنت أستمع إليه وأتساءل: هل هذا الشك العلمي محض منهجية بحثية، أم أنه يحمل أبعادًا أعمق؟
بدا لي أن بروفسور وود لا يتحدث كعالم جامد يكتفي بترتيب الأدلة،
بل كشيخ حكيم يدرك أن البحث العلمي وحده قد لا يكون كافيًا لفهم القصة الكاملة، وكأنه بحاجة إلى ما هو أعمق وأوسع
مما عثر عليه خلال أبحاث قرابة الخمسين عاما.
وددت أن أسأله عن خلفيته الدينية ليس بدافع الفضول الشخصي، بل لأنني شعرت أن هناك مساحة من التساؤل والتأملات
الذاتي لديهشخصياً تتجاوز نطاق الأدلة المختبرية.
كان يبدو مرهقا من البحث الذي لم يولّد اليقين لديه... حقيقة شعرت بالشفقة عليه...وبالفخر به وبه علمها الذي يراها لازال ناقصاً.
هل يمكن أن يكون وعيه العلمي متشابكًا مع بقايا شك روحي لديه؟
هل العلم وحده قادر على تقديم تفسير شامل لوجودنا؟ ما لذي يمكن أن يخفف لديه من إخفاقات البحث...؟
عدت من هذه التجربة بأسئلة أكثر مما كنت أملك قبل سماع محاضراته، والإحساس بمشاعر الدهشة من خلق الله؟
ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية ذكر المسخ كعقوبة إلهية تقع على بعض العصاة من الأمم السابقة، وذلك بتغيير صورتهم البشرية إلى صورة حيوانات. ومن أبرز الأمثلة القرآنية قصة أصحاب السبت الذين اعتدوا في حرمة يوم السبت، فمسخهم الله قردة، كما في قوله تعالى:
“فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين” (البقرة: 65).
وفي السنة النبوية، جاء التحذير من المسخ في أحاديث صحيحة، منها ما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:
“يكون في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف” قالوا: ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال:
“إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور” (رواه الترمذي وصححه الألباني).
هنا يظهر أن المسخ في المفهوم الشرعي أمر غيبي خارق، يقع بإرادة الله، كعقوبة عظيمة على معاصٍ محددة.
ثانيًا: المسخ في العلم الحديث
في العلوم البيولوجية، يُستخدم مصطلح قريب من المسخ هو الطفرة الجينية (Mutation)، ويقصد به أي تغيّر في المادة الوراثية للكائن الحي. هذه الطفرات قد تؤدي إلى تغيّر في شكل أو وظيفة الكائن، وقد تكون نافعة أو ضارة أو محايدة.
وفي نظرية داروين للتطور، تشكّل هذه الطفرات المصدر الأول للتنوع الجيني، وهو ما يتيح للانتقاء الطبيعي اختيار الصفات الأكثر تكيفًا مع البيئة، مؤديًا على مدى أجيال طويلة إلى نشوء أنواع جديدة.
ثالثًا: أوجه الاتفاق والاختلاف
رغم التشابه اللفظي بين كلمة “المسخ” في الدين و”الطفرة” في العلم، إلا أن المعنى والمجال مختلفان تمامًا:
المسخ الشرعي: تغيّر فوري في الخِلقة، غيبي، كعقوبة إلهية.
الطفرة العلمية: تغيّر تدريجي أو مفاجئ في المادة الوراثية، يحدث وفق قوانين الطبيعة، وليس بالضرورة عقوبة أو مكافأة.
قد سردت وبسطت في مقالي فقط أردت أن أفهم كيف يمكن لهذه الرؤى المختلفة القائمة على العلم
أن تتداخل وتتشابك، وكيف أن القرآن بآياته هو الضوء الذي يجعلنا
نبحث ونتعلم لنرى خلق الله تعالى. ، ونكرر سبحان الله
سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ
أدركت أنني لا أريد فقط أن أقرأ، بل أن أصوغ هذه التجربة في إطار إبداعي (لوحة - مقالة - كتاب)
يمكن أن يصل إلى الجيل الجديد، جيل يلزمه التدرب على فهم فلسفة العلوم وتأطيرها بإطار الحقائق الكبرى من القرآن والسنة.
وأن العلم مجالا يمكن فصله كحالة مستقلة وجعله دراسة متخصصة دون روابط أخري.
كيف يمكن أن نقدّم لهم قصة تطور الإنسان بطريقة تتجاوز مجرد الحجج العلمية؟
كيف نربط بين العلم والفلسفة، بين الدليل والحدس، بين المنهج العلمي والتجربة الإنسانية العميقة؟
كيف أن القرآن وآياته هو السبيل لتثبيت العقيدة وقبول ما نراها من حولنا.
ربما سأجد الإجابة حين أنتهي من قراءة الكتاب. أو ربما، مثل العلماء، سأكتفي بإدراك أن البحث لا ينتهي أبدًا.
ابن خلدون: “يا هذا، التاريخ ليس مجرد بقايا أحافير! الإنسان لم يكن مجرد تطور عشوائي، بل خُلق بقدرة الله، وميّزه بالعقل والعلم.”
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ (الإسراء: 70).
الجاحظ: “درستُ الكائنات الحية، وتتبعتُ تغيراتها، لكنها تبقى ضمن أنواعها! لم أرَ طيرًا صار إنسانًا، ولا قردًا أصبح مفكرًا.”
قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ﴾ (الروم: 20).
المسعودي: “الأحافير تكشف لنا الماضي، لكنها لا تفسر الروح! الإنسان ليس مجرد مادة، بل كائن مكرم بنفخة من روح الله.”
قال تعالى: ﴿إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ﴾ (ص: 71).
الرازي: “الطب يُظهر أن أجسادنا تتكون من عناصر الأرض، فكيف يُقال إن أصلنا من غيرها؟”
قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ﴾ (الأنعام: 2).
نظرتُ حولي، إلى القاعة التي تمتلئ بالهياكل العظمية والنظريات العلمية، ثم إلى الكتب التي تتحدث عن الإيمان والخلق، وأدركتُ أن العلم وحده لا يكفي إذا أغفلنا الحقائق الكبرى من كتاب العلم الأعظم القرآن الكريم الذي جعل الماء أصلا لجميع الأحياء، ألا يكون الماء السلف المشترك، إلا يكون بيولوجية الدماغ هي الفاصل والسلف المفقود، وأن الأنواع البشرية ليست مجرد تطور، بل خلق إلهي متنوع، منها الانسان المكرم، الذي له روح، وعقل، ورسالة في هذه الحياة، ثم ينحدر تحته كل خلق متنوع.
هكذا كانت تجربتي مع نظرية دارون ودراسات ديفيد كوك المتحفية، ومحاضرة برنارد وود، وكتاب فريدريك غريغوري في ثلاث فترات زمنية متقطعة لكن أعطتني ملخص علمي اطرحه في لوحتي المشاركة في معرض القصة المصورة في أغسطس 2025.
اسميت اللوحة طعنة عالم،
محاكاة لصفعات العلماء الثلاث الذين صفعوا البشرية بنظريتهم، وهم:
العالم البولوني نيكولاس كوبرنيكوس، العالم النفسي سيغموند فرويد، وتشارلز داروين
رسمت صورها بالذكاء الاصطناعي، ونسجت القصة باستخدام برنامج مجاني على النت باسم
Comics Maker
لاختم تجربتي في أروقة واشنطن أن العلم البشري ينيره العلم الرباني من كتاب الله عزوجل، وأن العلم البشري دراسة وبحث وتجريب، وأن العلم الرباني حقيقة وليس نظرية أو فرضية، وأن ما أعجبني في سلوك العلماء أن السياق التاريخي للعلم مهم لفهم أي نظرية علمية، يلزم النظر إلى جذورها الفكرية والثقافية، لا إلى نتائجها فقط، وأن التمييز بين العرض والتحيز: يمكن تناول موضوع مثير للجدل بطريقة متوازنة، كما فعل غريغوري، دون الانحياز المطلق أو الرفض المطلق، وأن قيمة التفسير العلمي في نظرية داروين تبيّن كيف يمكن لآلية طبيعية بسيطة أن تفسر تنوع الحياة وتعقيدها، وأن الربط بين الأفكار العلمية تؤثر وتتأثر بالثقافة، والدين، والفلسفة، مما يجعل فهمها أعمق وأكثر شمولًا.
فيديو عن دراسة ديفيد كوك في متحف التاريخ الوطني في واشنطن دي سي
Narrated Virtual Tour: David H. Koch Hall of Human Origins Exhibit Introduction: انقر هنا
Metamorphosis: Between Religious Texts and Modern Scientific Interpretation (AI After Discussion)
1. Metamorphosis in Religious Texts
The Qur’an and the Sunnah mention metamorphosis (Arabic: al-masikh) as a divine punishment that befell certain sinful nations in the past, whereby their human form was transformed into that of animals. One of the most well-known examples is the story of the People of the Sabbath, who violated the sanctity of the Sabbath, and whom Allah turned into apes, as stated in the Qur’an:
“We said to them, ‘Be apes, despised.’” (Al-Baqarah 2:65)
In the Sunnah, the Prophet ﷺ warned about the occurrence of metamorphosis as a sign of divine punishment. Abdullah ibn Mas‘ud reported that the Prophet ﷺ said:
“There will be in this nation sinking into the earth, transformation, and pelting with stones.”
They asked: “When will that be, O Messenger of Allah?” He replied:
“When songstresses, musical instruments, and intoxicants become prevalent.”
(Reported by al-Tirmidhi and authenticated by al-Albani)
Here, metamorphosis is understood in the religious context as a supernatural event, occurring instantly by the will of God as a severe consequence for specific sins.
2. Metamorphosis in Modern Science
In biological sciences, a term somewhat related is genetic mutation, referring to any alteration in an organism’s genetic material. Such mutations can change the organism’s physical form or functions, and may be beneficial, harmful, or neutral.
In Darwin’s theory of evolution, genetic mutations are considered the primary source of genetic variation. This variation allows natural selection to favor traits that are best adapted to the environment, gradually—over countless generations—leading to the emergence of new species.
3. Points of Convergence and Divergence
Although the terms “metamorphosis” in religion and “mutation” in science may sound similar, their meanings and contexts are entirely different:
- Religious metamorphosis: An instantaneous transformation of form, supernatural in nature, serving as divine punishment.
Scientific mutation: A gradual or sudden change in genetic material, occurring according to natural laws, without moral or punitive connotations.
Conclusion
Connecting the two concepts requires an awareness of their separate domains: in religious texts, metamorphosis affirms the principle of divine retribution for disobedience, while in modern science, mutation explains one mechanism of biological diversity. Each remains valid within its own framework—one in the realm of faith and the unseen, and the other in the realm of observation and experimentation.