الثلاثاء، 12 أغسطس 2025

بين العلم والإيمان في أروقة واشنطن


 


النور يُهدى إليك في آية... في حديث نبوي...عبارة من قول عالم مسلم رباني...أو مفكر أصاب عين الحقيقة

يتوالد معه إيمانا ويقينا يجعلك تقبل كل شيء مع قولك سبحان الله...

والعلم يحلق بك تحت ظلال الملاحظة، والتجربة، والدراسة، والبحث، والبراهين، والحجج، لتتذكر قوله تعالى

سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ

أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) 

أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاءِ رَبِّهِمْ ۗ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ (54)


في أروقة متحف التاريخ الوطني ومكتبة جورج تاون بواشنطن، حيث تُعرض الأحفوريات (Fossils) وتتدارس النظريات.

كان صوت العالِم برنارد وود الذي سمعت محاضرته والتعريف بإنجازاته يتردد في ذهني، وصورته وهو

يجيب عن بعض أسئلتي قائلا أنه علم التاريخ الطبيعي:

"الأدلة الأحفورية تشير إلى تطور الإنسان من أسلاف مشتركة مع بعض المخلوقات، لكن البحث لا يزال مستمرًا…

لا شيء محسوم بعد." وفي مكان آخر، أمام قاعة ديفيد كوك بالمتحف، كانت فكرة أخرى تُطرح:

“الإنسان نتاج ملايين السنين من التغيرات البيولوجية، إنه مجرد مرحلة في تاريخ الحياة على الأرض.”


لم أكن أبحث عن إجابات مطلقة لدى زيارة قاعة كوك للأحافير – الزمن العميق في متحف التاريخ الطبيعي التابع لمؤسسة

سميثسونيان. كنت هناك بدافع الفضول، بين العظام المتحجرة والنماذج ثلاثية الأبعاد التي تحكي قصة ستة ملايين سنة من

التطور البشري. كل شيء كان يوحي بترتيب دقيق ومنهج علمي صارم—معروضات لا تكتفي بعرض الأحافير، بل توثق كيف

شكّلت البيئة والطفرات البيولوجية فئة من البشر في الماضي السحيق، من شرق إفريقيا إلى آسيا

ومن كينيا إلى الصين وإندونيسيا.

شعرت أنني أقف وسط حوار مدبلج بين الماضي والمستقبل، بين الأدلة المنحوتة في الصخر والشكوك التي لا تزال قائمة.

لكن ربما كانت زيارتي الأهم هي حضوري محاضرة للبروفيسور برنارد وود. لم يكن حديثه علميًا مجردًا كما توقعت.

نعم،

تحدث عن أبحاثه التي بدأت في لندن عندما كان طالبًا، وعن رحلاته الاستكشافية إلى إفريقيا حيث الأحافير.

لكنه كان يدرك أيضًا أن البحث في نظرية تطور الإنسان لا يزال في منتصف الطريق، وأن هناك أسئلة لم تجد إجابات حاسمة بعد.

أثار انتباهي تأكيده على أن مصطلح "الإنسان الحديث" واسع جدًا، ويتطلب تفصيلًا علميًا دقيقا.

فحين نستخدم كلمة "Modern Human" (الإنسان الحديث)، فنحن لا نتحدث عن كل من ينتمي إلى الجنس البشري عبر

التاريخ، بل فقط عن الإنسان العاقل (Homo sapiens)، الذي تطور قبل 300 ألف سنة تقريبًا.

أما كلمة "Human"، فهي تمتد لتشمل كل الأنواع التي تنتمي إلى جنس Homo، مثل النياندرتال وإنسان دينيسوفا،

وحتى بعض الأجناس الأقدم التي لم تعد موجودة. التمييز بين المصطلحين ليس لغويًا فقط، بل هو محاولة لفهم التحولات الكبيرة

التي جعلت البشر يختلفون حتى يومنا.

لكن أكثر ما أثار فضولي هو حديثه عن الحمض النووي وعلاقته بالشمبانزي. قالها بثقة:

“هناك علاقة بين حمضي النووي وحمض الشمبانزي النووي.” لم يكن يقصد بالطبع أن الإنسان ينحدر من الشمبانزي،

بل أن كلاهما يشتركان في سلف مشترك. حقيقة أن البشر والشمبانزي يتشاركون 98.8% من الحمض النووي ليست مجرد رقم،

بل مفتاح لفهم كيف انفصلت مسارات التطور، وكيف لعبت طفرات جينية صغيرة دورًا في صنع الاختلافات الكبرى

التي جعلت منا نوعًا قادرًا على تطوير اللغة والفن والتكنولوجيا.

كنت أستمع إليه وأتساءل: هل هذا الشك العلمي محض منهجية بحثية، أم أنه يحمل أبعادًا أعمق؟


بدا لي أن بروفسور وود لا يتحدث كعالم جامد يكتفي بترتيب الأدلة،

بل كشيخ حكيم يدرك أن البحث العلمي وحده قد لا يكون كافيًا لفهم القصة الكاملة، وكأنه بحاجة إلى ما هو أعمق وأوسع

مما عثر عليه خلال أبحاث قرابة الخمسين عاما.

وددت أن أسأله عن خلفيته الدينية ليس بدافع الفضول الشخصي، بل لأنني شعرت أن هناك مساحة من التساؤل والتأملات

الذاتي لديهشخصياً تتجاوز نطاق الأدلة المختبرية.

كان يبدو مرهقا من البحث الذي لم يولّد اليقين لديه... حقيقة شعرت بالشفقة عليه...وبالفخر به وبه علمها الذي يراها لازال ناقصاً.

هل يمكن أن يكون وعيه العلمي متشابكًا مع بقايا شك روحي لديه؟

هل العلم وحده قادر على تقديم تفسير شامل لوجودنا؟ ما لذي يمكن أن يخفف لديه من إخفاقات البحث...؟

عدت من هذه التجربة بأسئلة أكثر مما كنت أملك قبل سماع محاضراته، والإحساس بمشاعر الدهشة من خلق الله؟


ربما لهذا قررت أن أكتفي بما رأيت وسمعت، وألا أضيع وقتي في مزيد من البحث النظري، وإذ بمفاجأت القدر تأتي...

ومن جميل هبات القدر الذي دوما يهبني إياني كتباً لها قصص غريبة. 
منها أني اقتنيت كتابًا عن نظرية داروين، يكمن دور مؤلفه فريدريك غريغوري في ما يتعلق بنظرية داروين في كونه مؤرخًا للعلم يضع الثورة الداروينية في سياقها الفكري والثقافي واللاهوتي الأوسع. فهو لا يروّج للنظرية كما يفعل عالم الأحياء، بل يدرس كيف نشأت من الفكر السابق لداروين، وكيف تفاعلت مع التقاليد الدينية والفلسفية في القرن التاسع عشر، وكيف تطورت لاحقًا إلى ما يُعرف بالتوليف التطوري الحديث. ومن خلال محاضراته وكتبه ونصوصه، يعرض أفكار داروين كإنجاز علمي محوري، مع تحليل نقدي للنقاشات والتحولات الاجتماعية التي أثارتها، ليقدّم رؤية متوازنة قائمة على الأساس التاريخي لا على الموقف الدعائي. لإدرك إن الإنجاز في نظرية داروين يتمثل في أنها قدّمت تفسيرًا علميًا للتنوع البيولوجي عبر آلية الانتقاء الطبيعي، موضحة كيف تتكيف الكائنات مع بيئاتها وتتغير عبر الزمن، مما جعلها أساس علم الأحياء الحديث. 
الجميل بالنسبة لي ليس العلم الذي يحمله الكتاب بل كيف أن الكتاب نموذجا فريدا من الكتب:
 هو عبارة عن نسخ كتابي (Transcript Book) لمحاضرات صوتية مسجلة، وهي تعني حفظ العلم ورقيا ورقميا.
 تعلمت منه أنني لا أبحث عن إجابة نهائية في النظرية والفرضية. وتعلمت أن طريق البحث مستمر وشائك، ولا يتوقف عند درجة علمية، وإنما يتوقف بموت ذلك العالم ليأتي من يأتي بعده ويستكمل قصة الوجود التي لا تنتهي ...


قد كانت تجربة فريدة بالنسبة لي، أثارت سؤال دردشته مع ChatGPT عن المسخ والطفرة العلمية فاتفقنا على الآتي:

ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية ذكر المسخ كعقوبة إلهية تقع على بعض العصاة من الأمم السابقة، وذلك بتغيير صورتهم البشرية إلى صورة حيوانات. ومن أبرز الأمثلة القرآنية قصة أصحاب السبت الذين اعتدوا في حرمة يوم السبت، فمسخهم الله قردة، كما في قوله تعالى:

“فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين” (البقرة: 65).

وفي السنة النبوية، جاء التحذير من المسخ في أحاديث صحيحة، منها ما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:

“يكون في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف” قالوا: ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال:

“إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور” (رواه الترمذي وصححه الألباني).

هنا يظهر أن المسخ في المفهوم الشرعي أمر غيبي خارق، يقع بإرادة الله، كعقوبة عظيمة على معاصٍ محددة.

ثانيًا: المسخ في العلم الحديث

في العلوم البيولوجية، يُستخدم مصطلح قريب من المسخ هو الطفرة الجينية (Mutation)، ويقصد به أي تغيّر في المادة الوراثية للكائن الحي. هذه الطفرات قد تؤدي إلى تغيّر في شكل أو وظيفة الكائن، وقد تكون نافعة أو ضارة أو محايدة.

وفي نظرية داروين للتطور، تشكّل هذه الطفرات المصدر الأول للتنوع الجيني، وهو ما يتيح للانتقاء الطبيعي اختيار الصفات الأكثر تكيفًا مع البيئة، مؤديًا على مدى أجيال طويلة إلى نشوء أنواع جديدة.

ثالثًا: أوجه الاتفاق والاختلاف

رغم التشابه اللفظي بين كلمة “المسخ” في الدين و”الطفرة” في العلم، إلا أن المعنى والمجال مختلفان تمامًا:

  • المسخ الشرعي: تغيّر فوري في الخِلقة، غيبي، كعقوبة إلهية.

  • الطفرة العلمية: تغيّر تدريجي أو مفاجئ في المادة الوراثية، يحدث وفق قوانين الطبيعة، وليس بالضرورة عقوبة أو مكافأة.


قد سردت وبسطت في مقالي فقط أردت أن أفهم كيف يمكن لهذه الرؤى المختلفة القائمة على العلم

أن تتداخل وتتشابك، وكيف أن القرآن بآياته هو الضوء الذي يجعلنا

نبحث ونتعلم لنرى خلق الله تعالى. ، ونكرر سبحان الله

سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ


أدركت أنني لا أريد فقط أن أقرأ، بل أن أصوغ هذه التجربة في إطار إبداعي (لوحة - مقالة - كتاب)

يمكن أن يصل إلى الجيل الجديد، جيل يلزمه التدرب على فهم فلسفة العلوم وتأطيرها بإطار الحقائق الكبرى من القرآن والسنة.

وأن العلم مجالا يمكن فصله كحالة مستقلة وجعله دراسة متخصصة دون روابط أخري.

كيف يمكن أن نقدّم لهم قصة تطور الإنسان بطريقة تتجاوز مجرد الحجج العلمية؟

كيف نربط بين العلم والفلسفة، بين الدليل والحدس، بين المنهج العلمي والتجربة الإنسانية العميقة؟

كيف أن القرآن وآياته هو السبيل لتثبيت العقيدة وقبول ما نراها من حولنا.

ربما سأجد الإجابة حين أنتهي من قراءة الكتاب. أو ربما، مثل العلماء، سأكتفي بإدراك أن البحث لا ينتهي أبدًا.

شعرتُ أن هناك شيئًا ناقصًا يلزمنا البحث في الشق الآخر من تراثنا الإسلامي، وفي تأملات ، وكأنني أسمع أصواتًا من الماضي،
أصوات ابن خلدون، الجاحظ، المسعودي، والرازي، تردُّ على هذه الادعاءات، فبدأ حوار في خيالي:

ابن خلدون: “يا هذا، التاريخ ليس مجرد بقايا أحافير! الإنسان لم يكن مجرد تطور عشوائي، بل خُلق بقدرة الله، وميّزه بالعقل والعلم.”

قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ (الإسراء: 70).

الجاحظ: “درستُ الكائنات الحية، وتتبعتُ تغيراتها، لكنها تبقى ضمن أنواعها! لم أرَ طيرًا صار إنسانًا، ولا قردًا أصبح مفكرًا.”

قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ﴾ (الروم: 20).

المسعودي: “الأحافير تكشف لنا الماضي، لكنها لا تفسر الروح! الإنسان ليس مجرد مادة، بل كائن مكرم بنفخة من روح الله.”

قال تعالى: ﴿إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ﴾ (ص: 71).

الرازي: “الطب يُظهر أن أجسادنا تتكون من عناصر الأرض، فكيف يُقال إن أصلنا من غيرها؟”

قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ﴾ (الأنعام: 2).

نظرتُ حولي، إلى القاعة التي تمتلئ بالهياكل العظمية والنظريات العلمية، ثم إلى الكتب التي تتحدث عن الإيمان والخلق، وأدركتُ أن العلم وحده لا يكفي إذا أغفلنا الحقائق الكبرى من كتاب العلم الأعظم القرآن الكريم الذي جعل الماء أصلا لجميع الأحياء، ألا يكون الماء السلف المشترك، إلا يكون بيولوجية الدماغ هي الفاصل والسلف المفقود، وأن الأنواع البشرية ليست مجرد تطور، بل خلق إلهي متنوع، منها الانسان المكرم، الذي له روح، وعقل، ورسالة في هذه الحياة، ثم ينحدر تحته كل خلق متنوع.

هكذا كانت تجربتي مع نظرية دارون ودراسات ديفيد كوك المتحفية، ومحاضرة برنارد وود، وكتاب فريدريك غريغوري في ثلاث فترات زمنية متقطعة لكن أعطتني ملخص علمي اطرحه في لوحتي المشاركة في معرض القصة المصورة في أغسطس 2025.

اسميت اللوحة طعنة عالم،

محاكاة لصفعات العلماء الثلاث الذين صفعوا البشرية بنظريتهم، وهم:

العالم البولوني نيكولاس كوبرنيكوس، العالم النفسي سيغموند فرويد، وتشارلز داروين

رسمت صورها بالذكاء الاصطناعي، ونسجت القصة باستخدام برنامج مجاني على النت باسم

Comics Maker

لاختم تجربتي في أروقة واشنطن أن العلم البشري ينيره العلم الرباني من كتاب الله عزوجل، وأن العلم البشري دراسة وبحث وتجريب، وأن العلم الرباني حقيقة وليس نظرية أو فرضية، وأن ما أعجبني في سلوك العلماء أن السياق التاريخي للعلم مهم لفهم أي نظرية علمية، يلزم النظر إلى جذورها الفكرية والثقافية، لا إلى نتائجها فقط، وأن التمييز بين العرض والتحيز: يمكن تناول موضوع مثير للجدل بطريقة متوازنة، كما فعل غريغوري، دون الانحياز المطلق أو الرفض المطلق، وأن قيمة التفسير العلمي في نظرية داروين تبيّن كيف يمكن لآلية طبيعية بسيطة أن تفسر تنوع الحياة وتعقيدها، وأن الربط بين الأفكار العلمية تؤثر وتتأثر بالثقافة، والدين، والفلسفة، مما يجعل فهمها أعمق وأكثر شمولًا.

QuickAI Translationالفيديو يقدم جولة افتراضية في قاعة أصول الإنسان بمتحف التاريخ الطبيعي الوطني في سميثسونيان، والتي افتتحت عام 2010 لطرح أسئلة أساسية حول من نحن، وكيف أصبحنا بشراً، ومن هم أسلافنا، وكيف نعرف ذلك. يعرض المعرض رحلة تفاعلية تمتد عبر ستة ملايين سنة من الأدلة العلمية عن تطور الإنسان، وقصص البقاء والانقراض في شجرة عائلتنا، موضحاً كيف نشأت الصفات المميزة للإنسان الحديث في ظل تغيرات مناخية حادة. تبدأ القصة في إفريقيا حيث خطت أوائل أسلاف البشر أولى خطوات المشي على قدمين، ثم انتشروا في العالم وتكيفوا مع بيئات متنوعة، وقد عاشت نحو عشرين نوعاً من البشر الأوائل في أزمنة مختلفة وغالباً متزامنة، لكن جميعها انقرض باستثناء الإنسان العاقل (Homo sapiens). ويبين المعرض أن الصفات والسلوكيات التي تميزنا اليوم تطورت تدريجياً عبر ملايين السنين، مع عرض قرابة 300 قطعة من حفريات وقطع أثرية ونسخ طبق الأصل، مستنداً إلى أبحاث حديثة شارك فيها أكثر من 60 مؤسسة و100 باحث من أنحاء العالم.


الجمعة، 18 يوليو 2025

المعرض (الــ٢٣) والكتاب (الــ٧) للفنان أحمد فلمبان..في “جاليري تجريد” بالرياض



يفتتح الدكتور عبدالعزيز السبيل الأمين العام لجائزة الملك فيصل

  في جاليري تجريد للفنون بمدينة الرياض 

مساء يوم الأربعاء 28 ربيع الأول  1443هـ الموافق 3 نوفمبر 2021 م 

المعرض الشخصي الثالث والعشرون للفنان التشكيلي السعودي 

.أحمد فلمبان وتدشين كتابه الجديد.

المعرض المعنون بـ(هلع وقلق) 

يتناول فيه الفنان جائحة كورونا من خلال 25 لوحة فنية بألوان الزيت ومقاسات موحدة 50/40 سم، جسّد فيها معاناة البشرية من فيروس كورونا المستجد، أو ما يعرف أيضاً بـ كوفيد 19، التي فُجع العالم بها في الخامس من يناير 2020م.

وقد عبّر الأستاذ عبدالمحسن الشويمان صاحب جاليري تجريد للفنون عن سعادته بأن تحتفي صالته التشكيلية بمعرض شخصي للفنان السعودي القدير أحمد فلمبان..هذه القامة الفنية الكبيرة التي أثرت المشهد التشكيلي السعودي المعاصر بأعمال فنية رائعة تحمل الكثير من الرؤى، علاوة على دوره كفنان من الرعيل الأول فإنه كاتب تشكيلي أثرى المكتبة الفنية المحلية والعربية بعدد من الكتب عن تاريخ الفن السعودي المعاصر، وفي هذا المعرض سيُدشّن كتابه السابع، والذي يسّلط الضوء على مسيرة نشاطه في الكتابة الوصفية، والقراءات الفنية، والتحليلات الجمالية عن الفن التشكيلي، والذي سيوزع على الزوار والمهتمين بالفنون مجاناً.

يذكر أن المعرض سيستمر لمدة أسبوع على فترتين صباحية ومسائية بصالة تجريد للفنون بموقعها الجديد في مجمع الموسى التجاري بشارع العليا العام بمدينة الرياض.

 


ومما كتب عنه في مجلة فرقد:

الفن التشكيلي السعودي.. في ذكرى التسعين

منذ 11 شهر

1107

6

 ربى الجعيد 
ضمن إطار الاهتمام بالمشهد الثقافي بشكل عام، والتنمية الثقافية وتطلعاتها للمستقبل، التي تعيشها المملكة، والفترة الذهبية في الفنون البصرية، ودعم أكبر للفن التشكيلي، الذي أخذ حيزًا مهمًا في المنظومة الثقافية السعودية، وتبوئه المكانة المرموقة محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، يواكب الحركات الفنية المعاصرة في العالم، في سبيل تحقيق المستهدفات الوطنية الثقافية، تحت مظلة رؤية المملكة 2030، بالتالي بات التطور والارتقاء والازدهار بمختلف اتجاهاته ومساراته الإبداعية، مستمرًا، لضمان تنفيذ وثيقة رؤية وتوجهات وزارة الثقافة بشكل فعّال، وتأكيد دوره كقطاع منتج وفعّال في تنمية المجتمعات، وأهميته في النمو الاقتصادي، كشريك رئيس في بناء الوطن، باعتباره قوة إنتاجية محلية استثمارية، ومع احتفالية الفن التشكيلي السعودي في عقده التاسع من عمره، يقدم الفنان: أحمد فلمبان، كتابه الجديد بعنوان “الفن التشكيلي السعودي في ذكرى التسعين” وهو يحتوي على:-
(1) استكمال لكتابه السابق “فن في نصف قرن”، ورصد لأهم الأحداث والمنجزات، في الفن التشكيلي، والنقلة النوعية والتطوّر السريع، بقيام عدد من المحافل الفنية والمشاريع التنموية، بعد تأسيس وزارة الثقافة. 
(2) التذكير بالممارسات التشكيلية الأولى، والفترة المنسية، من عام 1326ه -1354ه، كأقدم إشارة لظهور هذا الفن، والذي يوضح بجلاء أن الفن التشكيلي كان موجودًا قبل أكثر من تسعين عامًا، ومستمرًا الى الآن، ويعتبر امتدادًا تاريخيًّا للفن التشكيلي السعودي المعاصر، والممارسون في تلك الحقبة، يعتبروا رواد بدايات أو رواد تأسيس.
(3) ببليوجرافيا لـــــ 670 فنانا من فرسان التشكيل السعودي.
(4) صفحات للذكرى عن الفنانين الذين رحلوا عنّا من هذه الدنيا، وتركوا لنا إرثًا فنيًّا مخلدًا ذكراهم.
(5) فهرس بـــــ 18173 فنان وأرقام ملفاتهم في قاعدة بيانات الفنانين السعوديين. والجدير بالذكر أن الكتاب برعاية الدكتور عبدالله دحلان، رئيس مجلس الأمناء بجامعة الأعمال والتكنولوجيا، بجدة، والذي يعتبر من أبرز الداعمين للحراك الثقافي والإبداع الفكري السعودي، وأجزل المساهمين للفعاليات الثقافية والفنية، وأوفى المشجعين لأنشطة النوادي الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون التشكيلية. والفنان أحمد فلمبان يعد من أنشط المؤلفين للكتب التشكيلية السعودية بتنوع المواضيع وعمق البحث والتوثيق، وسيصدر هذا الكتاب بمشيئة الله في نهاية العام 2024م.

وممن امتدح فنه من كاتبات قسم الفنون البصرية إيضا مقال بعنوان:

لسفة الأعمال الفنية عند التشكيلي أحمد فلمبان

     

 

 

14 أغسطس 2021 07:56: م

هلالة المالكي

عقلية ممزوجة بالمشاعر تجاه الإنسان واختيار موضوعاته التي يتضح من خلالها حس الفنان وتأثره بالمدرسة الانطباعية وهي انطباع الفنان بعيدًا عن الدقة والتفاصيل، ولها خصائصها التأثيرية وتوجهاتها نحو الأكثر ذاتية، إن معايير الفن الفرنسي لديها تُبنى على المحتوى والأسلوب، والمدرسة الانطباعية يتمثل في سلوك الفنان، لتدور أفكاره حول ذاته مع مجموعة من المؤثرات الحسية والانطباعات والأحوال النفسية، للاهتمام بالعالم الخارجي وإصلاحه وتغييره للأفضل. 

إنسانيته تظهر مباشرة في اختياره للموضوع ومحاكاته للواقع عن طريق تصوير وتجسيد المشاعر الحية بشكل واضح في اختيار الفكرة والألوان والتأثيرات الانطباعية.   

مدة دراسة الفنان أثرت عليه في اختيار هذا النوع من المدارس الفنية الذي ظهر في القرن التاسع عشر، وتبنيه فن تشكيلي بالذات لأنه يمثل جزءً كبيرًا من شخصيته، ورؤيته للفن تعطي معنىً للتمركز حول الذات وتكوين مجموعة من المثيرات الحسية التي تبقى في ذهن الفنان لحين تكوينها ورسمها وإخراجها بأنامله وتمثيلها بشكل واقعي يمثل ما يمر به الإنسان من الألم اتجاه تلك الوقائع والأثر الذي يقع خلف المآسي الإنسانية والكوارث الطبيعية.

   تركيزه على الظل والنور يعطى معنىً للأمل في تغيير الوضع الراهن ومشاهدة مستقبل أجمل، واللون الداكن يعطي العمق للقضية الإنسانية التي تحمل معها مشاعره ومخيلته وأفكاره لتحسين الحياة في حركة الفرشاة، والسلوك الذي يحدده ويوجه خياراتنا غالبا ويكون بناءً على ما يريده من درجة الرضا والتعبير عن خلجاته وعما نجيد عمله سواءً فن أو تصوير أو حتى كتابه نخرج منها الإبداع من داخلنا ويعود إلى ذواتنا بالسعادة والرضا التام، وهذه الروح تتمثل لدى الفنان المرهف المبدع، ولديه حس المسؤولية بشكل كبير للنهوض بدوره تجاه المجتمع الذي يحيط به والعالم الذي يلامسه.

 

أحمد فلمبان.. الفنان التشكيلي في سطور من ألق

 

قصة معرض (هلع وقلق!!) للفنان التشكيلي القدير أحمد فلمبان

منذ 4 سنوات

873

0

رابط المقال منشور: هنا
06 نوفمبر 2021 08:34: م بقلم فاطمة الشريف

من بلد النور والإيمان السرمدي -مكة المكرمة-، وفي عام 1951م وُلد لون تشكيلي وحرف فني، ذاع صيته وانتشى تألقاً ومجداً في مدينة الخالدة (The Eternal City) روما، حيث تلقى دراسته الجامعية في أكاديمية الفنون الجميلة بروما، قسم الرسم، عام 1971م، بدأت مسيرته الفنية عام 1968م في المعرض الدولي “Apollo 70” لمنظمة اليونسكو في روما، كما شارك في أكثر من 163 معرضاً وفعاليات وأسابيع ثقافية داخل المملكة العربية السعودية وخارجها، وأقام 23 معرضاً شخصياً في جدة والرياض وإيطاليا والنمسا، وشارك في معارض ثلاثية وثنائية،

وحاز العديد من الجوائز وشهادات الشكر التقدير، من أهمها: – 

1- الميدالية الذهبية “منيرفا” جائزة أحسن طالب على أقسام الرسم بأكاديمية الفنون بروما من المفوضية الحكومية للأكاديميات الإيطالية، بصفته أول طالب غير إيطالي يحصل عليها.       

2- وسام “النجمة الذهبية التضامنية” بلقب “فارس” من رئيس الجمهورية الإيطالية، بصفته 

أول فنان غير إيطالي يحصل عليه.

3- ميدالية تذكارية من دائرة الآثار والثقافة والفنون بجمهورية “سان مارينو” للمشاركة في 

المهرجان الفني بمناسبة الاحتفال بالعيد الـ 1700 لتأسيس الجمهورية. 

4- ميدالية تذكارية من البابا “فرانشسكو” للمشاركة في المهرجان الدولي “الفن من أجل السلام 

والحوار بين الشعوب” في دولة الفاتيكان.

5- درع وشهادة “مايسترو في الفن” من الجمعية العالمية للفنون والثقافة الإيطالية.

6- درع “المهارة الفنية” للأسلوب الفني المميز، من الأكاديمية الإيطالية في بارما. 

7- درع من وزارة الثقافة والإعلام، يعد رمزاً تشكيلياً سعودياً يعبر عن مسيرة عطائه. 

8- درع من “معهد مسك للفنون” كونه أحد رواد الفن التشكيلي السعودي.

9- درع من “غاليري حوار” بصفته نموذج كفءٍ وافر العطاء، وعلى جهوده المتميزة في إثراء ودعم الحركة التشكيلية السعودية.

10- وسام الثقافة والفنون من الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بجدة.

11- الجائزة الأولى فئة الرسم في بينالي البحر الثلاثين في إيطاليا.     

  

إدراج اسمه في العديد من الكتب والوثائق التشكيلية، مثل:

1- القاموس العالمي للفنانين المعاصرين (طبعة عام 1980م)، 

2- الألبوم الذهبي بالأكاديمية الإيطالية للفنون والعمل في بولونيا (تحت رقم 214 في 21/2/1980م)

3- الدليل العالمي للفنون الجميلة 

((C0MED الإصدار 34 لعام 2007م  (INTERNATIONAL GUIDE TO THE FINE ARTS) 

أعماله التشكيلية موثقة في دائرة الآثار والفنون الجميلة في مقاطعة “لاتسيو” في إيطاليا تحت رقم (1669-14)، وتاريخ 3/ 12 / 1976

تحتفظ أعماله كل من: المتحف الوطني لفن الطباعة في روما، والمتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة، ومتحف وزارة الخارجية الإيطالية، ومتحف أكاديمية الفنون في روما، ومتحف بلدية بارما وفونيانا، ومجمع الحرس الوطني في الرياض، وله العديد من الأعمال مقتناة لدى المهتمين بالفن.

أحمد فلمبان.. الكاتب التشكيلي في حروف من ضياء.   

بدأ نشاطه للكتابات الوصفية والنقدية والقراءات الجمالية في الفن التشكيلي بجريدة الندوة والبلاد وعكاظ واليمامة والبلاد منذ عام 1965م، له أكثر من 485 مقالاً منشورًا  في الصحف السعودية، والعربية، والإيطالية، والنمساوية العربية، ومطويات المعارض، وبعض المواقع الإلكترونية المهتمة بالفنون البصرية. 

شارك بورقة عمل بعنوان “قراءة نقدية ورؤية مستقبلية للفن التشكيلي في المملكة

في الملتقى الثاني للمثقفين السعوديين بالرياض عام 1433هـ، وصدرت له ستة كتب، هي:  “التشكيليون السعوديون” “ذاكرة على السطح” و”فن في نصف قرن” و”لماذا..؟ وماذا…؟” و”إضاءة للذكرى” بمشاركة الدكتور فؤاد مغربل، و”إبداع لا ينضب” بمشاركة الفنان هشام بنجابي. 

من أحدث إنجازاته معرضه الشخصي (الــ٢٣) (هلع وقلق!!)، وكتابه (الــ٧) واللذان يُعرضان في جاليري تجريد للفنون بالرياض، لكل معرض قصة شكّلتها الألوان والخطوط والأشكال، ولكل كتاب تجربة صاغت حروفه روح ونضج وخبرة.

قصة معرض هلع وقلق!!

أحداث قصة المعرض بدأت إلهاماتها وآهاتها في الخامس من  يناير 2020 فجع العالم بفيروس كورونا المستجدّ، أو ما يُعرف أيضاً بـ كوفيد 19، الذي اكتشفه طبيب العيون الصيني “لي ليانغ” بسبع حالات بالتهابات رئوية شبيهة بفيروس “سارس” مرتبطة في سوق المأكولات البحرية في مدينة “ووهان” الصينية، وتسبّب بوقوع مرضى وضحايا في تلك المدينة، وأعلن عنه لأول مرة في الثلاثين من ديسمبر عام 2019م، محذرًا  خطورته وسرعة انتشاره، ولم يأخذوا كلامه على محمل من الجد، بل تهكموا به واتهموه بالجنون وتأنيب الشرطة وتحذيره بالصمت أو التعرض للمساءلة القانونية وتهديده بالعقاب والسجن، ولكن بالرغم من العواقب واصل عمله بصفته طبيب لمجابهة الفيروس، مخاطرًا  بحياته، وكان أول ضحاياه فمات على إثره في 7 فبراير، ومنذ ذلك الوقت تفشى الفيروس بسرعة، وانتشر في أرجاء العالم، مسببًا  حالة من الهلع، والقلق، والمعاناة، والمكابدة، والعوائق والصعوبات في كل نواحي الحياة، بوتيرة مقلقة، وضعت العالم في اضطرابات شعبية وانعكاسات سلبية في المجتمعات والنشاط العام وخلل في الاقتصاد الكلي، وتعد أكبر أزمة على مستوى العالم في هذا القرن وحدوث كارثة قد تدمره، ويهدد نحو 8 مليار شخص وهم سكان الأرض، واستمرت المعاناة حتى وصلت الإصابات إلى أكثر من 100 مليون حالة وأكثر من 3 ملايين وفاة في العالم، واستمرت المعاناة، حتى لاحت بوادر الانفراج لهذه الأزمة بتاريخ 20 ديسمبر 2020م عندما أعلنت شركة موديرنا وشركة فايزر الأمريكية لتصنيع الأدوية باكتشاف لقاح جديد طورته للوقاية من الإصابة بنجاح فعّال بنسبة 95 %،  قد تسهم في وضع حد لهذا الوباء الخبيث الذي يجتاح العالم، واستبشر العالم بهذا النبأ السار، ولكن لم تمضِ أيام على هذه البشارة، حتى فجع العالم مرة أخرى بظهور سلالات أخرى لهذا الفيروس، سريعة الانتشار شديدة العدوى، أربكت العالم وجعلته في حيرة، وتبدأ معاناة البشرية لخوض معركة أكثر شراسة لهذا القادم الجديد، ولم يمضِ على عام 2021  شهرٌ واحد، وإيجابية اللقاحات في إنقاذ ملايين البشر، ومحاولة العودة تدريجيًا  إلى الحياة الطبيعية، حتى فجع العالم بظهور سلالات متحورة في الهند، أكثر عنفاً وشراسةً، وأسرع انتشارًا  وفتكًا  ورقمًا  مفزعًا للإصابات، حيث سجلت في الهند أكثر من 400 ألف إصابة وعدد الوفيات الناجمة أكثر من 4000 شخص خلال يوم واحد، وهذه الموجة الجديدة، أثارت الرعب والخوف والقلق في جميع أنحاء العالم، بظهور سلالات ثالثة ورابعة وخامسة وعاشرة (لا قدر الله) .

وعلى حس هذه الجانحة، يصف لنا الفنان أحمد فلمبان لوحات أحداث قصة معرضه بدءًا  بمخزون الذاكرة الثري، وردات الفعل الإنساني، ممزوجة بتقنياته الفنية الفريدة، وألوانه وتكويناته المائزة:

“تعود بي الذاكرة إلى مواضيع لوحاتي السابقة (البؤساء، مسلوبي القرار، بقايا حطام، بلا ملامح، المودة الضائعة، إنهم يبحثون، اجترار المواجع، جذوة المعاناة) ويدق صداها، يحرّضني الشغف على التفاعل مع هذا الوباء الذي يهدد الكرة الأرضية بأزمة كارثية كبرى ومعاناة أشد قسوة وضراوة، وعلى نفس المنوال المأساوي في طرح أعمال تعبر عن حالات الاضطراب والرعب والتوجس، أطلقت على مجموعة لوحاتي الفنية في هذا المعرض عنوان “هلع وقلق“.

تلك المجموعة التي تعبر عن المعاناة الإنسانية بردات الفعل الذهنية للمَشَاهِد المأساوية، وردات الفعل العاطفية ذات الصّفات المضطربة المتوترة لإنسان ما بعد الكورونا، وتصويره في شخوص هزيلة متعبة، ووجوه شاحبة فازعة، وأياد مبتورة وأقدام مرتعشة عارية، ومجموعات مشوشة خائفة هالعة، بملامح مرتعبة محبطة منكسرة راضية بالمحتوم، وأخرى قلقة خانعة مستكينة تنتظر المجهول، وحطام هنا وهناك وأشلاء في كل مكان، وتزداد قسوة المعاناة لتلك الحالة الدرامية ذات الوقع الثقيل على نمط الحياة، بألبسة الشخوص البالية الرثة بألوان متناقضة تمتزج الحارة منها مع الباردة والدافئة، في تنافر حاد يتسلل من خلالها الخطوط السواد المرتجفة، وفي بعض المفردات تتجه إلى الألوان القاتمة رمزية الشؤم، وفي أجزاء منها تميل إلى التناقض المضطرب الجازع الخانع، كما يزداد الإحساس بشعور الابتلاء والفتك والدمار، من تقنية الملمس الخشن والمتعرج والبارز والنتوءات المهترئة المتوترة بفعل السكين والآلات الحادة، واستخدام المعاجين والمواد الصلبة والألوان ثقيلة القوام على خطى الوحشيين؛ لإعطاء هول المعاناة وضراوتها، يقابله النقيض من خلال الضوء المنبلج خلف الكادر، ودجى القمر الواهن الحزين لفداحة الموقف وهول الكارثة، وتأخذ الأشباح والأحياء المشلولة البطولة المطلقة في هذه المَشَاهِد، والتي هي خلاصة ارتداد الذاكرة وتواردها في العقل الباطني، لاستنباطات مبتكرة لهذه المجموعة.

تلك المجموعة التي جاءت بين التجريد الافتراضي الإيطالي (Estratto virtuale)، والتعبير التجريدي والرمزية التلقائية التي تصور اللّامرئي من خلال المرئي بطريقة جاذبة، حيث تجتمع المعاني المختبئة خلف الصور، بالإيحاء للدهشة والذهول بعقد الرابط بين المرئي واللامرئي، والمفردات في الكادر مجازية في غير معناها الأصلي والحقيقي في الواقع، غرضه الإيهام عن الموضوع، لعدم وجود قرينة مانعة من إرادته، لأن فكرتها تعتمد على التأثيرات النفسية من توارد خواطر النفس البشرية دون الحاجة إلى التوضيح.

 وهنا يؤدي اللون والتكوينات المرتجلة دورًا  مهمًا  في إظهار هذه الإيحاءات للحالة الدرامية التي تتنفس فيها الشخوص داخل فضاء الذاكرة ودلالاتها الرمزية، ففي ألوان أغطية النساء هي غير مألوفة في الواقع، إذ أن اللون هنا هو الرمز للحالة، لأن العباءة مجرد ستار لا يؤدي غرضه، والمرأة بالعباءة  لا الحمراء تختلف عن تلك الملتحفة بالأزرق أو الأخضر، أو القوية المتمردة في غطائها البني أو الأحمر، هي إشارة بأن الروح القابعة تحت الغطاء هي روح إنسان، وقد يبدو للناظر من الوهلة الأولى أن الشخوص تتشابه جميعها، هي ليست كذلك!!  لأنها مجازية تخيلية، لأن الرؤية لرهط من ثمانية مليار إنسان لا يمكن تحديد ملامحهم أو تبيين أشكالهم، ومعرفة الأسود من الأبيض، أو الغني من الفقير، وقد يميزهم ألوان الغطاء القابعون تحته، وهو كناية أن البشر بعد جانحة “الكورونا” سيصبحــــــــــــــون سَواسِيَةً لا يميزهم سوى رقم تعريفي عالمي.”  

من لوحات المعرض

بين العلم والإيمان في أروقة واشنطن

  النور يُهدى إليك في آية... في حديث نبوي...عبارة من قول عالم مسلم رباني...أو مفكر أصاب عين الحقيقة يتوالد معه إيمانا ويقينا يجعلك تقبل كل ...