لوحة آه يا كورونا ... بقلمي

لوحة آه يا كورونا ... بقلمي

لوحة آه يا كورونا...
لم أصمد أمام رموزها التعبيرية ففي دقائق ممتلئة بالنظر والوعي التام قرأتها...

فعجلت هنا في مدونتي للكتابة عن لوحة التشكيلي "الأسمر السوفي" :  

أنثر هنا لفنه ولكل جهد فنان عربي اختلى في مرسمه، وأخذ بنا إلى النظر والتفكر في جائحة كورونا عبر زوايا تشكيلية متعددة...

أنثر في مدونتي تأملات للوحة ولكل لوحة فنان عربي حملت مضامين و رموز تهزم جائحة كورونا...وتعزز قيم الرضا والاستسلام للعناية الإلهية.

وكما أني أقف حازمة على التعليق لعبارات "الأسمر السوفي" التي جاءت في منشوره بالفيس بوك؛ لعل أن يجد بين حروفي ما يسكن ثورة غضبه... ويجم فؤاده الكسير...

فكونوا 

هنا في قراءة اللوحة  

للفنان الجزائري"الأسمر السوفي" 

لوحة تعبيرية مثقلة بالمضامين الإنسانية التي لطالما طرق بابها الأدب والفن. رسمها الفنان الجزائري ياسين احمادي الملقب بالأسمر السوفي في ٢٠٢٠...عندما شارك بلوحته في صفحة كبارالفنانين العرب عبر الفيس بوك نشر معها عبارته المؤلمة قائلاً:

"لو رسمها فرنسي أو أمريكي أو أي فنان غربي آخر لصنفت و أختيرت كأجمل لوحة تعبيرية لهذا العام في ظل إنتشار وباء الكورونا ، لكن لما تأتي من أسمر( عربي) أولا وسوفي( جزائري) ثانيا 😀 فيعتبر لا حدث، تحيات ياسين احمادي الملقب بالاسمر السوفي."

اللوحة تعبيرية الاتجاه، ذات أبعاد إبداعية متعددة، من حيث توظيف الفكرة لتتحدث عن جائحة ربانية أصيب بها الرأس والجسد البشري عامة في العقد الثاني من الألفية الثالثة... رمزية التكوين الذي يعبر عن عدالة رب السماء سبحانة في توزيع هذا الوباء بين أرجاء العالم دون فوارق عقدية أو عرقية أوجنسية أو مهنية؛ لتعزيز فكرة أن كورونا هي الرمز الإلهي للعدالة والمساواة بين مخلوقات الكوكب، فلا قوة مهيمنة ولا شعوب ضعيفة... الكل سواء أمام هذا الوباء... فلا ضرر ولا ضرار... وإنما توازن وإتزان ودعوة من جنس العمل إلى التوبة والإنابة من الفساد في الجو والبحر والجور وظلم الإنسان والإسفاف بالبيئة...  

أما البعد التعبيري يتجلى في الألوان والأعضاء، حيث جمعت اللوحة في الرأس البشري العيون الزرقاء كناية عن السطوة الغربية والهيمنة العلمية له التي الكل تترأس عالم التقدم والرئاسة، والرقبة السمراء كناية عن الفخر العربي وأصالة ذك العلم الذي هو المنبع الأساسي للنهضة الأوربية، وبدقة النظر في اللوحة يتجلى وضوح ومركزية القارة الإفريقية في اللوحة جاءت دلالة واقعية عن انتشار الفيروس في شمالها أكثر من جنوبها، أما عن إنحسار إمريكيا دول الشرق الأسيوي من الخريطة دلالة واقعية أخرى لسقوط الهيمنة العلمية عنهم جميعا.


أما عن عناصر قيم الجمال في اللوحة فجاءت من خلال ظهور الرأس بالشكل الأنثوي؛ حيث حرّك لدى المتلقي الإحساس بالوحدة والتنوع في آن واحد، وتشابك العلاقات في التكوين الحالي بحيث يستطيع العقل جمع المتشابهات، وتصنيف الاختلاف بسلاسة وإنسيابية تجعل المتلقى يغوص في أعماقه، متأملا الوضع الراهن مستشعرا الأمان والسكينة والطمأنينة أن الله الواحد الأحد هو الخالق والمحرك والمسبب الأول لهذه الجائحة التي وقف أمامها الجنس البشري بكل استسلام بالرغم مما أوتي من علم وطب، وعبّر عن مشاعر وأحاسيس الاستجداء والتضرع لإنقاذ الأرض عبر اللونين الأزرق والأخضر سائلا المولى عز وجل أن يكشف هذا الوباء عن العالم المحيط بقارته.

اللوحة كما حملت معاني ورموز الإبداع الفني والفلسفي. فهي في مجملها تعكس فلسفيا الفوضوي المشاعرية التي يعاني منها الفكر العربي إجمالاً، وتشرب البعض لفلسفة البعد الثالث للعالم و وهم الانفصال. فهي تعكس بضبابية العقلية الحالية في التباكي على الماضى وانتصاراته وإثارة الشغف نحو المستقبل وتقنياته؛ ببساطة هي ترسم حقيقة اللحظة الحالية للعالم في بعده الثالث، وتقرر أننا متوجدون في عالم واحد محدود، متحدون في حالة نفسية ووجدانية وعلمية وتقنية واحدة. بالتدقيق والنظر في اللوحة فإن شعورالطمأنينة والسكينة يسري في إحساس المتلقي. اللوحة لا ينقصها سوى دلالة بانورامية تتيح النظر إلي الحياة بشكل أوسع حيث الحب والوئام والسلام العالمي لترتقى أرواحنا لبعد خامس أو عاشر أخر... فلا خوف ولا قلق ولا اعتلال ...إنما الاستمتاع بالتفاؤل بالله، والرضا بما نملك، والراحة واليقين بأن الإمر كله لله ... كل ما نحتاجه هو تجربة شعورية مفتعلة تجرنا إلى الوحدة والانفتاح كي نعيش بروح واحدة مشرئبة نحو السماء... فيا ترى من الفنان الذي يجعلنا نحلق في أبعاد تلك التجربة...

أما عن عبارة الفنان "الأسمر السوفي" فليسمح لي أن أعرض له مبررات من تجربتي الذاتية في مجال الكتابة:

لنتفق أن الكتابة وسيلة تواصل فكري تستلزم البحث والاستقصاء فأحيانا تكون الإنجليزية هي لغة البحث والاطلاع المفضلة لديه. الأمر الأخر قد يكون السفر والتنقل بين دول الغرب هو المصدر الثقافي الغزير لذلك الكاتب. والأهم بالنسبة لذلك الكاتب أن التصفح باللغة الانجليزية هو الأسهل والإمتع والأوثق من التصفح بالعربية بالرغم من المحاولات الجادة للإثراء العربي في سنوات الأخيرة، إلا أن ذلك المحتوى يظل ضعيفا مقارنة بالبحث بالإنجليزية على وجه التحديد دون اللغات الأخرى، والأطم من ذلك أن المستخدم العربي أضعف تقنياً من المستخدم الغربي، وذلك ببساطة أن المستخدم العربي مستهلكا للتوتير في إنشاء تايم لاين مشاغب، أو مستخدما للفيس بوك دون تفعيل خصائص الانتشار، وتعطيل استخدام الهشتاق ذو العلاقة بالمشاركة.

إطمئن يا الأسمر السويفي الفن الأصيل، واللوحة المبدعة لو قبعت في محيط أو طارت في فضاء، سيأتيها رزقها ولو بعد حين...وأعظم رزق يكتسبه الفنان أن يقول:

كنت هنا يوما، ورسمت ما أرى وأشعر، فشكرا يالله أني أحسنت التعبير وأبلغت رسالتي...

تعليقات

  1. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  2. كلام جميل جدا يا دكتوره فاطمه

    ردحذف
  3. التشكيلي صالح الشهري12 أبريل 2020 في 6:40 ص

    مقال جميل وبصراحة المقال اقوى من العمل بكثير ... العمل فكرته جميلة جداً لكن التنفيذ بكل صراحة ضعيف من ناحية تقنية وامكانيات الفنان وهذا مجرد رأي شخصي 🙏🏼🙏🏼🙏🏼

    ردحذف
  4. مقال جميل وبصراحة المقال اقوى من العمل بكثير ... العمل فكرته جميلة جداً لكن التنفيذ بكل صراحة ضعيف من ناحية تقنية وامكانيات الفنان وهذا مجرد رأي شخصي 🙏🏼🙏🏼🙏🏼

    ردحذف
  5. ماجد الراسم - فنان تشكيلي9 مايو 2020 في 6:00 ص

    شكرا لفاطمة ااشريف بحجم السماء.. كاتبة الحرف والكلمه والجمال.
    شكرا للفنان التشكيلي بحجم ذرات الهواء.. ما أجملك في تعبيرك التشكيلي

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

(12) مجالا لخطة 2024

قانون كونفوشيوس – قانون الغربنة في التدريب

كساء التوبة الضافي ... تأملات

مزاج البسطاء

تقنية السكينة السريعة للبروفيسور عبدالله العبدالقادر (Quick Coherence Technique )

قراءة فنية لجدارية كيث هارينغ