الأربعاء، 25 يونيو 2025

المعذرة عام 1447




 مع بداية عام 1447 أقدم اعتذاري له، حيث أني عند كتابة مقالي بعنوان
الهجرة النبوية: رحلة عبر الزمنكان واللون افتتحت المقال بهذه الفقرة:

 "مع إطلالة عام 1448هـ، احتفى خاطري بحادثة الهجرة النبوية،

وسافر قلمي في رحلة عبر الزمان والمكان واللون،

مسترجعًا التاريخ، ومستعيدًا المواقف والأحداث، ومبتهجًا بألوان

الفنان التشكيلي نهار مرزوق التي عبّرت عن رموز المسجد النبوي الشريف."

المقال منشور في الأول من يوليو (تموز) 2025 هنا 

أخطأت عندما كبّرته عاماً، لا أعلم لماذا هذا النسيان، هل أثر الزمان على الذاكرة؟

 أم تسارع الزمان فلم تعد السنين والأيام تتباين، وبتنا نخلط بين الأعوام؟  

أم أن حضور التأريخ الميلادي ساد الحضور الهجري؟ 

إنها سيادة تنافسية أحدهما للدنيا وأمور صلاحها، والأخر للآخرة وأمور استثمارها…

في دعوة للتركيز والتوازن والتخطيط الذاتي الاستراتيجي نقود سيادة الزمان وتغيراته…

مقالات عن التخطيط الذاتي الاستراتيجي في قائمة الرابط أدنى هذه التدوينة

أنه زماننا وسيادتنا وما الزمان إلا تذكرة عبور… 

أعتدت التخطيط الذاتي ــــ كما اعتاد الكثيرون ـــ

كل عام إما مع بداية العام الهجري،

أو بداية العام الميلادي،

أو في أحد الأشهر المباركة مثل شعبان ورمضان وربيع الأول،

تباركت لأحداث مباركة وقعت فيها، أو في الأشهر الحرم أوفي أي شهر أو يوم …

كلها هبات الرحمان لعباده الكرام…

الدعوة هنا في هذا التدوينة

أن نستثمر البدايات فإن لها طاقة ربانية عجيبة، بها تتجدد النوايا، وتحدد الأهداف،

وتنطلق نحو الرؤية الخاصة بكل فرد،

استثمر البدايات في تصفية روحك وتشافي بدنك،

اختر لنفسك بداية جديدة خلاقة ...

أبدأ العام الجديد، والشهر الجديد، واليوم الجديد،

باستشعار أن هنالك حالة جديدة تنتظرك في ثنايا ذلك الانتظار...

رحمات الله وهباته الكونية …

شمّروا في عامكم الجديد وفي يومك الجديد: 

إما بطاعة تسألون الله العون والتوفيق 

أو خطة لعام جديد لأنشطة تشمل جميع مجالات عجلة الحياة 

أو تأمل في حالة جوهرية تريد الوصول إليها وفق رؤيتك وأهدافك الخاصة 

أو إمتنان صادق لنعم تعيشها وكيف تحافظ عليها… 

أو تأملات ذاتية لإصلاح دوائر علاقاتها...

أو …..

أو ……

أو……..

المهم أن تبدأ …. بهمة وعزيمة وقيم وروح صادقة …

كل عام كل عام ويوم ولحظة وأنتم بخير

لوحتي في صدر المقال إهداء بمناسبة العام الجديد مع قروب:

أصدقاء الفن بمدينة واشنطن دي سي،

مستلهمة من لوحات الفنان:

من خلال الجمع بين عناصر من لوحات هيلاري بيس وهنري ماتيس،

تبلورت لوحتي بهذه الطريقة مؤلفة أنماط مختلفة نوعا ما.

يمكنكم أن ترون بوضوح كيف انتقلت بين اللوحتين،

مما انتج لوحة ثالثة تحاكي خصائص المدرسة الوحشية.


قائمة روابط مقالاتي عن التخطيط الذاتي الاستراتيجي الذي وسمته هكذا؛

 تعزيزا لفكرة أن تخطيط ينطلق من تخطيط وطنك بل والعالم أجمع

 حتى تعمل وفق إمكانات ومهارات ذاتك بسكينة ورضا وحماس...

انسخوا أحد الروابط وأنتم وحظكم،

 ومع ذلك فأنتم محظوظون أن تقرؤوا تدوينة من تجربة سيدة من الطائف...

https://fatimah2030.blogspot.com/2019/12/blog-post_84.html

https://fatimah2030.blogspot.com/2025/01/2025.html

https://fatimah2030.blogspot.com/2024/12/blog-post.html

https://fatimah2030.blogspot.com/2024/12/2024-2025.html

https://fatimah2030.blogspot.com/2024/01/12-2024.html

https://fatimah2030.blogspot.com/2022/12/blog-post.html

https://fatimah2030.blogspot.com/2022/12/2023.html

https://fatimah2030.blogspot.com/2022/10/blog-post_20.html

https://fatimah2030.blogspot.com/2021/12/2022.html

https://fatimah2030.blogspot.com/2021/06/blog-post_23.html

https://fatimah2030.blogspot.com/2021/05/blog-post_24.html

https://fatimah2030.blogspot.com/2020/09/blog-post.html

https://fatimah2030.blogspot.com/2013/03/blog-post_30.html

 



الاثنين، 16 يونيو 2025

معرض Little Beasts: Art, Wonder, and the Natural Worl

 




عش تجربة عجائب الطبيعة من خلال عيون الفنانين.

انظر عن كثب إلى الفن الذي يصور الحشرات والحيوانات الأخرى إلى جانب العينات الحقيقية.

بهاتين العبارتين افتتح معرض

in the Galleries, NGA, Little Beasts: Art, Wonder, and the Natural World.

لقد لعب الفن دورا محوريا خلال فجر التاريخ الطبيعي الأوروبي في القرنين السادس عشر والسابع عشر، حيث سمح التقدم في التكنولوجيا العلمية والتجارة والتوسع الاستعماري لعلماء الطبيعة بدراسة الحشرات والحيوانات وغيرها من الحيوانات غير المعروفة والمهملة سابقا، أو "الوحوش الصغيرة".لقد ساعد فنانون مثل Joris Hoefnagel وJan van Kessel في تعميق ونشر المعرفة بهذه المخلوقات من خلال أعمال مفصلة ومرحة للغاية ألهمت أجيالا من صانعي المطبوعات والرسامين وفناني الديكور وعلماء الطبيعة.


قد كانت فرحة لجميع الأعمار، أن ضم هذا المعرض ما يقرب من 75 من هذه اللوحات والمطبوعات والرسومات في عرض فريد من نوعه إلى جانب العينات والتحزيز من متحف سميثسونيان الوطني للتاريخ الطبيعي، و التعرف على التبادل الغني بين الفنانين وعلماء الطبيعة الذي أثار سحرا بالمخلوقات الحية على الأرض، الكبيرة والصغيرة. شاهد كيف يستمر هذا التقاطع بين الفن والعلوم في إلهامنا اليوم في فيلم جديد للفنان داريو روبليتو، الذي تميزت أعماله بالمزج بين الفن والعلوم والذاكرة الإنسانية حيث يستعمل مواد غير تقليدية مثل رماد بشري، خصلات شعر، وتسجيلات صوتية قديمة لصياغة قطع فنية تستحضر الحنين، الفقد، والحب.

ينطلق روبليتو من تساؤلات فلسفية حول كيف نحفظ الذكريات ونمنحها معنى جديدًا، وغالبًا ما يدمج في أعماله عناصر من علم الأحياء والفلك والتكنولوجيا. عُرف بمشاريعه التي تستكشف العلاقة بين نبضات القلب والمشاعر الإنسانية، وقد تعاون مع مؤسسات علمية وفنية بارزة مثل NASA وMIT، ما يجعل فنه ملتقى بين الشعر، الوجدان، والاكتشاف العلمي.


.


للمعرفة المزيد عن المعروضات انقر هنا


للمزيد عن أفلام الفنان روبليتو انقر هنا




الأربعاء، 11 يونيو 2025

ريبورتاج “لا غنى يدوم ولا فقر يبقى”

 

ريبورتاج “لا غنى يدوم ولا فقر يبقى”

منذ شهر واحد

82

0

                                                   المقال منشور هنا 

                                                   01 مايو 2025 07:16: م

فاطمة الشريف*

في المعرض الشخصي الخامس والعشرين للفنان السعودي أحمد فلمبان، يزهو الحدث متزامنًا مع تدشين كتابه المضاف إلى سلسلة إصداراته الرائدة، والمعنون له: 

“الفن التشكيلي السعودي في ذكرى التسعين”

احتفائيةٌ تتآلف فيها الألوان مع المشاعر، تدعوكم يوم الثلاثاء الثامن من ذي القعدة 1446، الموافق السادس من مايو 2025، بين أروقة إرم آرت جاليري، يتجلى معرضه في لوحات لونية ذات معاني عميقة بعنوان:

 “لا غنى يدوم ولا فقر يبقى”

سردية تعكس تقلبات الحياة، وتؤكد على زوال الأحوال، فلا غنى يدوم ولا فقر يبقى، في رؤية فنية تأسر الروح وتحاكي الوجود، بقلمه من مداد قلبه، بلونه نبع إبداعه، رسم فلمبان للعيان لوحات تنبض بالرحمة والإحساس بالآخر، هامسة بقضية إنسانية ما زالت تتربص بالملايين من البشر، إنه الفقر الذي يراه فناننا الكبير: 

“من أخطر وأشد المشاكل التي تواجه المجتمعات الإنسانية، ويتنامى بشكل مخيف وخطير، ويعد إحدى المصائب القاسية التي تواجه الإنسان في الحياة، وهناك أكثر من مليار شخص في 113 دولة  تحت خط الفقر، ويعيشون في وضع إنساني قوامه الحرمان المستمر أو المزمن من الموارد، والإمكانات، والخيارات، والظروف المعاشية الأخرى، وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات، وتوفير الحدّ الأدنى والتمتع بمستوى معيشي لائق، بشكل يتلاءم ومتطلبات الحياة الكريمة، والاحتياجات الأساسية والضرورية، المتمثلة، بالمأوى والماء، والغذاء والكهرباء، والرعاية الصحية، والتعليم، بالإضافة إلى عدم القدرة على توفير مصادر احتياطية أو ضمانات مادية لمكافحة الأزمات المفاجئة مثل (المرض، أو الإعاقة، أو البطالة، أو الكوارث)”. 

حيث يشير التقرير الذي نشرته منظمة الإسكوا الدولية، عن مسببات الفقر وتفاقمها سنويًا، بنسبة 11% تعود إلى (الحروب، والصراعات، والضغوطات والتهديدات والابتزاز، والتمييز العنصري، والتهجير، والكوارث الطبيعية، وشح الأمطار، وموجات الجفاف).

ويؤكد فلمبان لنا في سرديته اللونية أن:

“الفقر ليس قدرًا محتومًا لفئة من الناس، وليس مجرد حالة اجتماعية مُنْبَتَّة، أو مجرد الافتقار إلى الدخل أو الموارد أو ضمان مصدر رزق مستدام، بل جاء نتيجة لأخطاء في رسم وتطبيق خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، المرتكزة على عدالة توزيع الدخل ومنع استغلال الأقوياء للضعفاء، ومن مظاهره تشمل، (المجاعة والعوز وضيق المعيشة والمرض والعاهات والعجز،  وتقلص الخدمات الأساسية، ومشقة الحصول على العمل والتعليم، والرعاية الصحية). كما أن الفقر يخلق نوعًا من العزلة الاجتماعية، والتأثيرات النفسية، يأتي في مقدمتها التوتر، والضغط النفسي، بسبب القلق المستمر حول إيجاد الاحتياجات الأساسية، كما أن هناك نظرة دونية من البعض، والسخرية والاستهزاء والتعامل المهين بالفقير، ويمتنعون من مصادقته والجلوس بجانبه، وينكرون معرفتهم بأي فقير، حتى لو كان فنانًا، فسيجد نفسه أقل قيمة من غيره، و غير قادر على تحقيق النجاح، لما يحظى به الفنان الغني من تفضيل وعناية  وفرص، ومن هذا الوضع البائس، يشعر الفقير  بالإقصاء، وغير قادرٍ على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية أو التفاعل مع الآخرين، ويعيش على إثره مهمشا عن المجتمع، مع انخفاض الثقة بالنفس واليأس والإحباط، فهناك هوة عميقة، بين الأغنياء والفقراء، على أثرها يحدث المزيد من مظاهر الضيق والاستياء، حيث يشكّل الوضع تحديًا أخلاقيًا قد يصعب تجاوزه، فكيف بحال البشر أن يستقيم في ظل هذا الوضع المتناقض؟ ناس تتباهى بالترف والبذخ والإسراف في الأكل والولائم، وشعوبها تبحث عن طعامها في النفايات، إن وجود الثراء الفاحش بجانب الفقر المدقع، وضع غير عادل، قمة الجور والظلم، يؤدي حتمًا إلى الانفجار عاجلاً أو آجلاً، وحدوث كارثة اجتماعية، وظهور سلوكيات منحرفة، كالسرقة والعنف والتشرد والتسوّل، ويصنع اللصوص والمجرمين، كما يصنع الحب الشعراء والمبدعين! لأن الفقير يرى الكثير، ولا يملك شيئًا، حيث يرى نفسه جائعًا عاريًا، يبحث عن طعامه وملابسه في النفايات! فقد كان الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه يقول دائمًا (لو كان الفقر رجلًا لقتلته) ويقول الشاعر محمود سامي البارودي (ولا تحتقر ذا فاقة فلربما لقيت به شهمًا يُبِزّ على المُثـري، فرب فقير يملأ القلب حكمة، ورب غنيٍّ لا يريش ولا يَبـز، ولا تعترف بالذل في طلب الغنى فإن الغنى في الذل شر من الفقـر، وكن وسطًا لا مُشرَئِبًا إلى السُها ولا قانِعًا يبغي التزلُّف بالصغر،  فأحمَدُ أخلاقِ الفتى ما تكافأت بمنزلةٍ بين التواضُع والكِبرِ)”. 

عبر ألوانه ومداد حرفه عن الفقر جال في خاطره تخصيص معرضه الخامس والعشرين عن الفقر كظاهرة كارثية، ذات أبعاد مقلقة ومضطربة معبرًا عن ذلك قائلًا:

“جال في خاطري طرحه كمَشَاهد للمعنى المكنون الذي ينطوي عليه معاناة مليار انسان على نحو رمزي، كرد فعل لمواجعهم لتعزف همهمات الظلم والألم والامتعاض والاستياء، عبر ينابيع الألم في الحلم المزدهِ بإيحاءات رمزية، لتترجم الصور الخيالية إلى حضور عاطفي، بطريقة توحي للمُشاهد أنه يرى الجمال والرخاء ولا يرى البؤس والشقاء، رغم أنها مرسومة، حيث تجتمع الوقائع المؤلمة، في بؤرة الوهج، بعقد الرابط بين المرئي واللامرئي، والمبالغة في طرح العوز في أقصى ارتعاشه، مع إسقاط الاهتمام بالناحية الموضوعية، فتصبح كُلًّا، وأن البعد في اللوحة يأخذ امتداداً واحداً، بشكل عفويَ مبسط، بطروحات مشغولة بكثير من الانكسارات الضاجة بالحركة وصخب الألوان، والخطوط البارزة، والالتفاتات الحادة، التي تحقق ملامح الترقب والشرود، لحالة اليأس والحرمان وسلطتها الرمزية على طاقتها الواقعية في عمق دلالاتها المؤلمة، المشبعة بالعذاب والوجع، المقيدة على تخوم العسر، بمفردات مكبوتة، بفعل انحرافات بعض الخطوط، على متناقضات الحزن والفرح، واليأس والأمل، وطرحها بأسلوب رمزي للصور المخفية، بتلاعب الألوان غير المخلوطة ضمن مسارات الألوان الباردة كالأزرق ومشتقاته، والحارة كالأرجواني والأصفر والأحمر ودرجاتها، مع إهمال القيم اللونية وتفسيراتها الغامضة، والتبسيط في المفردات دون استخدام الظل والنور، أشبه بالرسم البدائي، حيث يصبح الجميع جوقة في كرنفال تنكري، تكشف جوانبها الأكثر قسوة، من خلال بعض المفردات التي تأخذ دور البطولة المطلقة، لأنها جوهر الموضوع لا يمكن التعبير عنه إلا بالرمز، الذي يمكنه الكشف عن أدقّ اللوينات النفسية وفروقها الخفيّة، لأن هناك علاقة وثيقة بين الرمز والمضمون، ولا تستطيع المفردات العادية التعبير عنها كما يستطيع الرمز، فهما ينبعان من تربة مشتركة؛ ونتيجة لذلك تظهر الصور الرمزية، التي تختبئ خلفها خصوصيتها المغلقة والمتسعة بذاتها، لعمق المعاناة وقسوتها، وتسهم جميعًا في التوافق الكلي على الأشكال، مع النزوع إلى التناسق بتلقائية مطلقة، لينطلق في أجواء خالية من القيود والسدود، ومن تعقيدات الوضوح والدقّة، والمعالجات الخطابية والمباشرة والشروح والتفصيلات الساذجة، التي تخنق الإبداع وتكبح تيار الانفعال، بهدف تسجيل التأثر البصري، من خلال مفهوم الرمز، سواء من حيث المدلول اللوني أو المدلول الشكلي، الذي يساعد على تألق الفكرة، والتعبير للانفعالات النفسية وخلجات النفس البشرية وما ينتابها من قلق وصراع، بطريقة الإيماء، لأن كثرة الإيضاح تفسد الفن، ويعد ذلك أحد صور التمثيل غير المباشر الذي لا يسمى الشيء باسمه، وقد يُستخدم كوسيلة من وسائل التعبير لمعاني العمل الذي يضمه ويحتويه، لأن له فحوى، وليس جزءًا من فحوى، لأن فحواه مجازية للشيء الذي ليس له وجود قائم بذاته، وقد يستخدم كوسيلة من وسائل التعبير، للوصول للمعنى الجمالي، لا يلاحظها إلا من يفهم معانيها ويستنبط دلالاتها ويدرك مآلها، ويستخلص إحساس الألوان، فاللون الأزرق معروف عنه أنه لون بارد، واستخدام درجاته الرمادية الزرقاء، يعطي الموضوع طابعاً ًدراماتيكيا، فاللون هنا يوحي باليأس والإحباط، الذي ينطوي بصورة كاملة عن القلق والامتعاض، بمعالجات اللمسة القاسية، للتعبير عن تلك المفردات الساكنة، لتبدو كأنها واحة يانعة من الزهور تخفي تحتها الآفات والفيروسات، داخل إطار من الألوان الصاخبة، للتعبير عن الأحاسيس  الدفينة، التي تعزف الأنات والآهات على وتر العذاب، بتعرجات الخطوط المتلكئة، في صور لوقائع غير واقعية، لكنها تقتفي أثر واقعها الذي كانت عليه، يمثله ليحل محله، لتمنحها الإشراقة الملموسة، بتفاعل بعض الألوان الحادة، لتخلق المتعة البصرية بتداخل مونوكروم الألوان عبر شتاتها التي تتناثر في الأفق، لتختلط في وضع حواري، على خطى التجريد الافتراضي الإيطالي، الذي يوحي بالحالة ولا يصرّح بها ولكنها تحاذر التمادي في طمس كل آثار الواقعية…”. 

وضمن حواراته اللونية، ورمزيته المعبرة عن أحاسيس دفينة وآهات حبيسة، التي راعت واقعية الظاهرة وتجلياتها في سرديته اللونية يهتم فلمبان برؤية وارتياح المتلقي، قائلًا عن تلك الرؤية:

“التي من خلالها يمكن أن يراها المتلقي بأكثر من معنى، وأكثر من وجهة نظر، وتحرضه على قراءة بصرية واعية، مع ما تفرضه من حالات الانسجام والتناسق، بطابع المدلول الرمزي، الذي يسير في مناخات التجانس الشكلي مع الألوان، فتبدو أحياناً تتحاور فيما بينها، ومرات أخرى كأنها في صراع مع الآخر، لكنها تحاول التأقلم، لتتناغم معها، لإثارة وجدان المتلقي للتفاعل والغوص في أعماق المشكلة، برؤية تتميز باللغة الأستطيقية، التي تتماهى بالشخوص المقهورة بوجوه شاحبة، حزينة أو باكية متألمة، وعيون كفيفة مسهدة، وأياد مرتعشة، وملابس رثة، وتزداد مسحة المعاناة على تلك المشاهد بلباس الغوامق من الألوان الباردة والدافئة معا في تمازج تدريجي يقود إلى العتمة في معظمها، وإلى التباين في أجزاء متفرقة منها، حيث تتمازج فيها البقع اللونية مع عتمة الألوان، كناية السخط والحنق والنقمة، بأسلوب مجازى يستثمر التورية في ترجمة الأحاسيس الداخلية التي قد تتحول إلى لغز يغري بالخوض في فك طلاسم تلك التشكيلات المختبئة خلف الصور، التي تتنوع بين العوز والابتئاس تارة، وبين المعاناة اليومية تارة أخرى، بعيداً عن المباشرة والتعقيد في الفكرة والإغراب في الصورة، لترجمة الدلالات الموحية للقيم الفنيّة والرعشة العضوية، لتثير الرغبة في التأمل والاستبصار لعالم الأطياف والاندياح والارتعاشات الرجراجة والحالات النفسية الغائمة والمشاعر المرهفة، والتغلغل إلى خفايا النفس وأسرارها ودقائقها، لتصل إلى أناس يتنفسون ويحسون ويحبون ويتألمون ويستشعرون، لتصورات غير مألوفة، لأن فكرتها تعتمد على التأثيرات النفسية وترجمة السرّ الخفيّ في النفس الإنسانية، لتغوص عن طريق إثارة الأحاسيس الكامنة، لإحداث ما يشبه السيّالة المغناطيسية الذي يقوم على اللمح والومض، ونقل هذه المعطيات الحسيّة في رؤية شمولية شديدة الحيوية والحركة، المكنونة عن قضايا المجتمع وآلامه وأوجاعه ومعاناته الحياتية، لتكون نافذة للمتلقي يشاهد منها كل هذه المظاهر المؤلمة، لتشعره بالتماثل مع أقسى المصائب التي تواجه الإنسان في الحياة، ويكون شريكًا مع الفنان لعملية الخلق الفني، كي يتفاعل الجميع لأجلهم، وهذه من وظائف الفن لخدمة المجتمع ونفع البشرية”. 

المحافل الدولية.. بألوان أحمد المغلوث

 

المحافل الدولية.. بألوان أحمد المغلوث

منذ أسبوع واحد

189

0

01 يونيو 2025 08:11:

فاطمة الشريف

في مشهد من الأصالة السعودية، تراصت الخيول العربية الأصيلة، وتلألأت السيوف النجدية، وتعطّر المكان برائحة القهوة السعودية، وأطايب العود، ترحيبًا ملكيًا يليق بالزيارة الكريمة للرئيس الأمريكي السابع والأربعين، دونالد ترامب، في الثالث عشر من مايو المنصرم. لم يكن الحدث مجرد مراسم بروتوكولية، بل تجلٍّت معه ذكريات العلاقة التاريخية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، في رمزية تجدد في الأذهان دور قوتين دوليتين لإرساء سبل السلام العالمي، وتعزيز الاستثمار والشراكة الاستراتيجية.

في قلب المشهد التشكيلي السعودي، وعبر أزمنة العقود السابقة، يبرز الفنان أحمد المغلوث بوصفه أحد رواد الفن الذين ساهموا في بناء سردية بصرية موثقة عن المملكة العربية السعودية، وقاد تجربة فريدة تتشابك فيها القيم التاريخية والإنسانية، المغلوث يعجز القلم عن سرد بطولاته التشكيلية وتاريخ لونه الفريد، تنوعت تكويناته، وتعددت موضوعاته، متنقلًا بين الذاكرة البصرية، والهوية الوطنية؛ لتوثيق التاريخ والأحداث على المستوى المحلي والدولي.

وما زال يحمل اللون والفرشاة موظفًا أساليبه التعبيرية لتدوين المحافل الدولية والمناسبات المحلية، معززًا فنه عبر لوحات قماشية متعددة الأحجام، وأخرى مبتكرة على الخوص (سعف النخيل)، وجداريات ضخمة، ولوحات كاريكاتيرية يدوية ورقمية، محتفظًا بثيم واحد لربط التراث بالمعاصرة في سردية تشكيلية سعودية.

في حديث عابر محتفى به عن لوحاته أكد المغلوث أنه ممن رسم الملوك السعوديين طيلة مسيرته الفنية في كلاسيكية راقية، ووثّق الكثير من المحافل الدولية والمناسبات الوطنية بواقعية ذات رمزية متفردة به، وأرّخ عبر تكويناته التعبيرية لبدايات التنمية والعمران والحرف الشعبية في المنطقة الشرقية والإحساء على وجه الخصوص، ورصد المرأة السعودية ويومياتها بتعبيرية مفرطة تبعث الحياة والديمومة في أرجاء لوحاته عنها. 

اقتنيت الكثير من لوحاته، وعُرضت في الكثير من المعارض المحلية والعالمية، ونُشر عدد منها على المواقع العالمية، وقد أشار في حديثه إلى أن أعماله كانت جزءًا من أول معرض لرواد التشكيل في المملكة عام 1398هـ،، الذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حينما كان أميرًا للرياض، وقد اقتنيت لوحاته كلها في ذلك المعرض، كما أكّد أن أعماله تنال دومًا تقدير الفنانين والنّقاد بشكل عام، وقد أشاد بفنه الفنان المصري العالمي جمال قطب، الذي اعتبر أعمال المغلوث “امتدادًا لصورة الوطن في المخيلة العربية”. وعن رصيده الفني الوطني، يقول بتواضع وفخر: “أنا أول من رسم ألعاب البنات والطفولة في لوحات فردية وجماعية، وأول من وثّق الحرفيين المحليين في أعمال تشكيلية”. 

يعد المغلوث ناشطًا اجتماعيًا، وقلمًا تشكيليًا، له أسلوبه في توثيق  مسيرته التشكيلية الذي دومًا يبدأ بعبارة: (كتب أحمد المغلوث) ومصورًا كاريكاتيريًا تعتز به الصحافة السعودية، ويعد اسمًا بارزًا في توثيق أعمال رواد الفن السعودي، ومن آرائه في حقوق التشكيليين أن ظاهرة اختفاء بعض الأعمال الفنية من مقراتها الرسمية، وانتقال بعض اللوحات دون موافقة الفنان تُعدّ في حكم المسروق وفق القوانين الدولية لحماية الحقوق الفنية، وأن توثيقها لا بد أن يشمل مكان اقتنائها وتاريخها وسياق عرضها.

من أولى لوحاته التي نُشرت في الصحافة العربية (القارئة الصغيرة)، وقد ظهرت في مجلة العربي الكويتية عام 1976؛ لتعلن عن ميلاد تجربة سعودية أصيلة، تدمج بين الواقعية والرمز، وبين التوثيق والروح الإنسانية.

من أبرز لوحاته: (اللقاء التاريخي السعودي الأمريكي) التي تصور اجتماع الملك عبدالعزيز والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، حيث قال: “في لوحتي للقاء التاريخي، رسمت العَلَمين السعودي والأمريكي على الطاولة الصغيرة، ووضعتهما في خلفية المشهد، بينما تجاهلهما معظم من رسموا هذا الحدث. هذه اللمسة البصرية كانت محاولة مني لتمييز لوحتي عن غيرها، والتأكيد على التفاصيل الرمزية” وممن رسموا الحدث الفنان الأمريكي وليم جونسون (William Johnson) في معرضه (Fighters for Freedom) حيث تفوق المغلوث في رسم الحدث بواقعية لائقة راقية بعيدة عن التعبيرية والرمزية التخيلية، مؤكدًا: “جميع الصور الخاصة بالقيادتين السعودية والأمريكية، التي رسمتُ منها اللقاء التاريخي، كانت مأخوذة من سجلات الرئاسة الأمريكية. من يدّعي أنه يرسم مثل هذه اللوحات من الخيال، فهو إما واهم أو مضلل، الخيال الفني لا يعني الانفصال عن المرجعية البصرية، خصوصًا في المواضيع التاريخية”. 

ينتقل المغلوث من الحديث عن تجاربه الخاصة إلى تأملات عميقة في مفهوم الرسم من الخيال مستحضرًا في هذا السياق تجربة المستشرقين في رسم الشرق العربي والإسلامي. ويشرح كيف أن كثيرًا من هؤلاء الفنانين لم يكونوا يرسمون من الخيال المطلق، بل من ملاحظة دقيقة، و”إعداد مسرحي” يكاد يشبه إعداد مواقع التصوير السينمائي. بعضهم كان يستأجر منازل، ويؤثثها بما يناسب رؤيته، ويشتري الملابس التي يحتاجها، ثم يجلس أمامه “الموديل” –فتاة أو طفل– لأيام أو شهور. بعض اللوحات استغرق إنجازها سنوات، كما حدث مع لوحة “الموناليزا”، التي أنجزها دافنشي خلال فترة تتراوح بين سبع إلى تسع سنوات. ومع اختراع الكاميرا، أصبحت الأمور أسهل، فالصورة تُوثّق اللحظة، ثم يضيف الفنان لمساته لتجسيد فكرته”. 

ويختم حديثه قائلًا: “الفن مسؤولية، وهو وعي بالزمن، وتوثيق للهوية، واستشراف للمستقبل”. 

ختامًا تُعد تجربة المغلوث نموذجًا فريدًا من الفن الملتزم بالسردية الوطنية والهوية الثقافية، لم يكن مجرد رسّام لوجوه، بل فنانًا ذا رؤية، يسعى لحفظ الذاكرة البصرية للسعودية من خلال عمل فني عميق، يمكن أن يُدرّس ويُعرض في صالات ومتاحف دولية. وهو بذلك يجمع بين الأثر الجمالي والدور التوثيقي للفن، متجاوزًا حدود الزمان والمكان.

لوحة القارئة الصغيرة:

طريقة توثيقه لأحد أعماله المنشورة في مواقع التواصل، على إكس والفيس بوك:

“كتب أحمد المغلوث_ جمعه مباركة. ومبارك فوز فخامة الرئيس دونالد ترامب برئاسة أمريكا للمرة الثانية محققًا فوزًا ساحقًا على منافسه الرئيس السابق بايدن. وكنت رسمت فخامته في هذه اللوحة من وحي زيارته السابقة للمملكة ومشاركته مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان رقصة العرضة. اللوحة موجودة في سفارة المملكة في واشنطن.. أعيد نشرها بمناسبة تسلمه قيادة أمريكا من جديد…”. 

لوحة اللقاء التاريخي السعودي الأمريكي:

لوحة الفنان الأمريكي وليم جونسون (William Johnson) في معرضه (Fighters for Freedom) بعدستي

لوحة الاحتفاء بالشراكة الاستراتيجية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية. 

من لوحاته الكاريكاتيرية:

المعذرة عام 1447

 مع بداية عام 1447 أقدم اعتذاري له، حيث أني عند كتابة مقالي بعنوان الهجرة النبوية: رحلة عبر الزمنكان واللون افتتحت المقال بهذه الفقرة:  ...